261

على نحو عشرة أميال منها ويعرف بالبركة. صحراء لا أنيس بها ، وعادة الركب النزول بها ليتلاحق (1) الناس وربما أقاموا بها يومين أو ثلاثة ، وفيها آبار طيبة ، وتقوم بها سوق عظيمة يستتم بها (2) الحجاج جهازهم. فلما تلاحق الركب واستتب السفر ، رحلنا في الضحى الأعلى من يوم الثلاثاء الثامن عشر من شهر شوال مستقبلين للبرية الكبيرة : برية ما بين الحجاز ومصر ، وهي مسيرة أربعين يوما ، وما بها مستعتب إلا في ينبع وفي بدر ، فإن بهما عمارة هي أشبه شيء بالخلاء والورود في جميعها ربعا (3) وغبا (4)، والربع هو الغالب ، وليس في البراري أطول منها ولا أقفر (5). أرضها في نهاية الحروشة (6) لا يمكن أحدا فيها المشي بغير مداس البتة. وفيها قوم من العرب ، صعاليك ينتقلون فيها من موضع إلى موضع مالهم قوت إلا ما يمتارونه (7) من بعيد ، فهم الدهر كله في جهد وفرط شظف (8). وقلما يظهرون للركب لخبث أفعالهم ، وعدم ما يعاملون به ، وإنما يتطرفون (9) الركب (10) ويطالعونه من كل مرقب ، فإذا رأوا متخلفا عنه لغفلة ، أو نوم ، أو انقطاع عجز ، انقضوا عليه فمزقوا أشلاءه ، ولو لم يجدوا عليه إلا خرقة واحدة لم يتركوها له. ولو لا صاحب

Bogga 330