صدقت لقد ملك هو وقومه أجل الممالك الّا انّه لم يعاين ما ملك وانّما عاينه من بعده، ورأيت صور أنبياء ذوى عدد كثير، منهم من قد أشار بيده اليمنى وجمع بين الابهام والسبابة كأنّه يومئ في اشارته إلى الحق، ومنهم قائم على رجله مشير بأصابعه إلى السماء، وغير ذلك، زعم الترجمان انّهم من أنبيائهم وأنبياء الهند، ثم سألني عن الخلفاء وزيّهم وكثير من الشرائع ووجوهها على قدر ما اعلم منها، ثمّ قال: كم عمر الدّنيا عندكم، فقلت قد اختلف فيه فبعض يقول: ستّة آلاف سنة وبعض يقول دونها، وبعض يقول أكثر منها إلّا بيسير، فضحك ضحكا كثيرا ووزيره أيضا واقف دلّ على انكاره ذلك، وقال: ما أحسب نبيكم قال هذا، فزللت وقلت: بلى هو قال ذلك، فرأيت الانكار في وجهه، ثم قال للترجمان: قل له ميّز كلامك فانّ الملوك لا تكلّم الّا عن تحصيل، أمّا ما زعمت أنّكم تختلفون في ذلك فانّكم انّما اختلفتم في قول نبيّكم، وما قالته الأنبياء لا يجب ان يختلف فيه بل هو مسلّم فاحذر هذا وشبهه أن تحكيه، وذكر أشياء كثيرة قد ذهبت عنّي لطول العهد، ثمّ قال لي: لم عدلت عن ملك وهو أقرب اليك منّا دارا ونسبا، فقلت: بما حدث على البصرة ووقوعي إلى سيراف ونظري إلى مركب ينفذ إلى الصّين وما بلغني من جلال ملك الصّين وكثرة الخير به فأحببت الوقوع إلى تلك الناحية ومشاهدتها، وأنا راجع عنها إلى بلادي وملك ابن عمّي ومخبر بما شاهدت من جلال هذا الملك وسعة هذه البلاد، وسأقول بكلّ حسن واثنى بكلّ جميل، فسرّه ذلك وأمر لى بالجائزة السنية، وبحملى على بغال البريد الى مدينة خانفو، وكتب الى ملكها باكرامي وتقديمي على جميع من
1 / 63