Richard Feynman: Noloshiisa Cilmiga
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Noocyada
في نهاية المطاف أدى هذا إلى أن شكك بور في الأساس الفيزيائي لمفهوم الزمكان لفاينمان ذاته. وزعم أن صورة مسارات الزمكان تخرق مبادئ ميكانيكا الكم، التي تقول إن الجسيمات لا تتحرك في مسارات فردية معينة على الإطلاق! وعند هذه النقطة تخلى فاينمان عن محاولة إقناع الحاضرين بصحة مخططه.
كان بور مخطئا بالطبع. لقد أوضح أسلوب حاصل جمع المسارات لفاينمان بما لا يدع مجالا للشك أنه لا بد من دراسة العديد من المسارات المختلفة في آن واحد عند حساب النتائج الفيزيائية، والحقيقة أن نجل بور جاء فيما بعد وقدم اعتذاره قائلا إن أباه أساء فهم فاينمان. غير أن نمط التساؤل الاستجوابي عكس ما كان من الواضح أنه شك عميق وريبة متنامية في أن فاينمان توصل إلى صورة متسقة تمام الاتساق. لقد كان يطلب ما لا يستطاع من جمهور الحاضرين، الذي لا يمكن أن يتوقع منه - على الرغم من وجود بعض ألمع العقول في علم الفيزياء في القرن العشرين وسطه - التأقلم في محاضرة واحدة مع هذا الأسلوب الجديد كليا الذي لم يكتمل بعد في التفكير في عمليات فيزيائية أساسية. فعلى أي حال، فإن فاينمان نفسه استغرق منه الأمر سنوات وآلافا من الصفحات التي أجرى فيها عملياته الحسابية حتى توصل إليه.
ربما يظن المرء أن فاينمان كان حتما يغار من شفينجر، لا سيما في ضوء تباين استقبال الناس المبكر لأبحاث كل منهما. ما من شك في أنهما كانا ميالين للمنافسة. لكنهما، حسبما يقول فاينمان على الأقل، كانا أقرب لشريكين في مؤامرة. لم يكن أي منهما يفهم تمام الفهم ما يفعله الآخر، غير أن كليهما كان يعرف قدرات الآخر ويثق بها، وكليهما كان يشعر بأنهما يسبقان غيرهما. ربما كانت ذاكرة فاينمان متحيزة لمصلحته، إذ إنه بالتأكيد لم يكن راضيا وقتها عن عدم فهم الآخرين له. وقد قرر، وهو يشعر بالحزن والكآبة بعد مؤتمر بوكونو، أن يقدم أفكاره مطبوعة حتى يتمكن من شرح ما كان يفعله بصورة ملائمة. وبالنسبة لفاينمان، الذي كان يكره كتابة أعماله للنشر، كان الدافع هنا واضحا.
تذكر أن منهج فاينمان في حل المسائل الفيزيائية كان من الممكن صياغته في إطار «الغايات تبرر الوسائل». وأعني بهذا أن المرء قد يخرج بفكرة أو طريقة جديدة شبه ناضجة، غير أن صحتها تكمن فيما تحققه من نتائج. فإذا اتفقت النتائج المحسوبة مع الطبيعة، من خلال التجارب، فالأرجح إذن أن الطريقة على المسار الصحيح وأنها تستحق المزيد من البحث والاستكشاف.
شعر فاينمان أن أسلوب حاصل جمع المسارات الذي ابتكره صحيح. كان بحلول ذلك الوقت قد حسب كل الكميات التي يمكن للمرء حسابها في الديناميكا الكهربائية الكمية تقريبا واتفقت نتائجه مع الطرق الأخرى عندما كانت متاحة. لقد ابتكر أساليبه أثناء تقدمه في مسيرته بغرض التعامل مع المسائل المحددة التي يواجهها. ولكن كيف يمكنه تقديم هذا مكتوبا لجمهور من الفيزيائيين غير المعتادين على العمل في اتجاه عكسي، وإنما يعملون في اتجاه أمامي لفهم النظريات؟
عندما يتعلق الأمر بفاينمان، كان الوصول إلى فهم واضح لأفكاره بقدر يسمح بعرضها على الآخرين يعني إجراء المزيد من الحسابات لنفسه. لذا، عكف طوال صيف عام 1948 على تنقيح طرقه الحسابية وتعميمها، وتوصل أيضا لطرق أكثر فعالية. وعن طريق جعل طرقه الحسابية أكثر اختصارا وإفادة وعمومية، من المرجح أنه شعر حينها أنه يستطيع توصيل نتائجه إلى مجتمع الفيزيائيين بسهولة أكبر. وأخيرا، بحلول ربيع عام 1949 كان فاينمان قد ناضل بما فيه الكفاية حتى تمكن من إتمام بحثيه الملحميين: «نظرية البوزيترونات» و«نهج زمكاني لفهم الديناميكا الكهربائية الكمية»، اللذين وضعا الأساس بصورة جوهرية لجميع أفكاره وحساباته الناجحة التي أجراها على مدار العامين السابقين.
هناك عاملان رئيسيان آخران أسهما في توطيد عزم فاينمان وتراثه؛ الأول: يتعلق بعالم رياضيات شاب مميز تحول إلى فيزيائي سبق أن التقينا به، وهو فريمان دايسون، الذي وصل إلى الولايات المتحدة عام 1947 قادما من جامعة كامبريدج طالبا للعمل مع بيته، والذي شرح أعمال فاينمان في نهاية المطاف لباقي العالم.
بعد أن اشتهر بالفعل في المملكة المتحدة لإنجازاته في الرياضيات، قرر فريمان دايسون وهو في سن الثالثة والعشرين أن المسائل الذهنية المثيرة بحق في ذلك الحين تكمن في الفيزياء النظرية، وبالتحديد في محاولة فهم النظرية الكمية للكهرومغناطيسية. لهذا، بينما كان زميل كلية ترينيتي بجامعة كامبريدج، اتصل بالعديد من الفيزيائيين وسألهم إلى أين يتوجه ليلحق بالتطورات الحديثة الأكثر إثارة، وأشار عليه الجميع بالالتحاق بمجموعة بيته في كورنيل.
في غضون عام، كان دايسون قد أتم بحثا يحسب فيه التصويبات الكمية لتحول لامب في نظرية صغيرة تتفق مع النسبية مستخدما جسيمات ليس لها لف مغزلي. ومثل فاينمان ، كان متأثرا بشدة باحترامه البالغ وإعجابه الشديد ببيته، وكان انبهاره بالرجل مماثلا بقدر واضح لانبهار فاينمان. كتب دايسون يقول: «تمثلت رؤيته في ضرورة فهم أي شيء يمكن حسابه عدديا. كان هذا بالنسبة له يمثل جوهر ممارسة الفيزياء.»
بحلول ربيع عام 1948، كان تركيز دايسون منصبا بعمق على المشكلات المفاهيمية للديناميكا الكهربائية الكمية، وقرأ مع بقية أعضاء مجتمع الفيزياء، بعد أن نبههم روبرت أوبنهايمر، العدد الأول من الدورية اليابانية الجديدة «بروجرس إن ثيوريتيكال فيزيكس». وذهل عندما اكتشف أن علماء الفيزياء النظرية اليابانيين، مع عزلتهم التامة، أحرزوا تقدما كبيرا أثناء الحرب. ابتكر سين-إتيرو توموناجا تحديدا، بصورة مستقلة إلى حد بعيد، أسلوبا لحل مشكلات الديناميكا الكهربائية الكمية مستخدما تقنيات مشابهة لتلك التي ابتكرها شفينجر. كان الفارق يكمن في أن أسلوب توموناجا بدا أبسط كثيرا في رأي دايسون، الذي كتب يقول: «لقد عبر توموناجا عن أسلوبه بلغة بسيطة واضحة يمكن لأي شخص أن يفهمها، في حين لم يفعل شفينجر ذلك.»
Bog aan la aqoon