Richard Feynman: Noloshiisa Cilmiga
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Noocyada
هذا صحيح من زاوية ما. فلو أننا قسنا الإلكترونات بهذه الطريقة، فسنجد أن 50 بالمائة منها تدور لأعلى و50 بالمائة تدور لأسفل. و«لكن» - وتلك «لكن» مهمة للغاية - من الخطأ أن نفترض أن كل إلكترون يدور في أحد الاتجاهين أو الآخر قبل أن نقيس. ففي لغة ميكانيكا الكم، كل إلكترون في «حالة تراكب مكونة من حالتي دوران لأعلى ودوران لأسفل» قبل القياس. إنه باختصار يدور في كلا الاتجاهين!
كيف نعرف إذن أن افتراض أن الإلكترونات تأخذ وضعا معينا أو الآخر هو افتراض «خاطئ»؟ يتبين لنا أننا نستطيع إجراء تجارب تعتمد نتائجها على ما يفعله الإلكترون عندما لا نقيسه، وسوف تكون النتائج مختلفة إذا كان الإلكترون يتصرف على نحو متوقع؛ أي بأحد الوضعين المحددين أو الآخر بين القياسات.
أشهر مثال على هذا يتضمن إطلاق الإلكترونات على جدار به شقان، ووراء الجدار توجد شاشة وامضة، تشبه كثيرا شاشات تليفزيونات الصمامات المفرغة القديمة، وتضيء متى اصطدم بها إلكترون. وإذا لم نقس الإلكترونات بين اللحظة التي تترك فيها المصدر واللحظة التي ترتطم فيها بالشاشة - بحيث لا يمكننا أن نعرف أي شق مر عبره كل إلكترون - فسوف نرى نمطا من البقع الداكنة والمتألقة يظهر على الشاشة الخلفية، وهو نفس «نمط التداخل» بالضبط الذي نراه لموجات الضوء أو الصوت التي تعبر جهازا ذا شقين، أو ربما على نحو مألوف أكثر، نمط لحظات التموج والهدوء المتناوبة التي تنشأ غالبا عندما يلتقي جدولان متدفقان بالماء معا. والمدهش أن هذا النمط يظهر حتى إذا أطلقنا إلكترونا واحدا فقط نحو الشقين في الجدار في أي لحظة. وهكذا فإن النمط يوحي بأن الإلكترون «يتداخل» مع نفسه بطريقة ما بعد أن يمر عبر كلا الشقين في الوقت نفسه!
للوهلة الأولى تبدو تلك الفكرة محض هراء؛ لذا فإننا نغير التجربة قليلا. نضع كاشف إلكترونات غير مدمر بجوار كل شق ثم نطلق الإلكترونات. وهنا نجد أن كاشفا واحدا فقط من الاثنين هو الذي سيشير إلى مرور أحد الإلكترونات من الشق في أي لحظة معينة، مما يتيح لنا أن نعرف أن كل إلكترون يمر عبر شق واحد فقط من الشقين في واقع الأمر، وعلاوة على ذلك يمكننا أن نحدد الشق الذي مر منه كل إلكترون.
كل شيء يسير على ما يرام حتى الآن، ولكن هنا يأتي عنصر الإزعاج الكمي. فلو أننا فحصنا النمط الذي يظهر على الشاشة بعد هذا التدخل الذي يبدو بريئا، فسنجد أن النمط الجديد يختلف تماما عن النمط القديم. فحينها سيبدو النمط شبيها بالنمط الذي كنا سنحصل عليه لو أننا كنا نطلق الرصاص على تلك الشاشة عبر حاجز الشقين؛ بمعنى أنه ستكون هناك بقعة مضيئة وراء كل شق، وستكون بقية الشاشة مظلمة.
لذا، سواء شئنا أم أبينا، فإن الإلكترونات وغيرها من الأجسام الكمية يمكنها أداء أعمال سحرية تقليدية بقيامها بأشياء عديدة مختلفة في الوقت ذاته، على الأقل طالما كنا لا نراقبها أثناء ذلك.
والخاصية الأساسية الثانية لميكانيكا الكم تنطوي على ما يسمى ب «مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج». ويقضي هذا المبدأ بأن هناك تركيبات معينة من الكميات الفيزيائية - مثل موضع الجسيم وزخمه (أو سرعته) - لا يمكننا قياسها في اللحظة عينها بدقة مطلقة. فمهما كانت كفاءة المجهر أو جهاز القياس الذي نستخدمه، فإن ضرب عامل عدم اليقين بشأن الموضع في عامل عدم اليقين بشأن الزخم لا تكون نتيجته صفرا أبدا، ودائما ما يكون الناتج أكبر من رقم معين، وهذا الرقم يسمى «ثابت بلانك». وهذا الرقم أيضا هو الذي يحدد نطاق التباعد بين مستويات الطاقة في الذرات. وبعبارة أخرى، إذا قسنا الموضع بدقة كبيرة بحيث يكون عدم اليقين بشأن الموضع صغيرا جدا، فإن هذا يعني أن معرفتنا بزخم أو سرعة الجسيم لا بد أن تكون غير دقيقة إلى حد بعيد، وبهذا يكون ناتج عدم اليقين بشأن الموضع وعدم اليقين بشأن الزخم أكبر من ثابت بلانك.
هناك تركيبات أخرى من «أزواج هايزنبرج» تلك، مثل زوج الطاقة والزمن. فلو أننا قسنا الحالة الميكانيكية الكمية لجسيم أو ذرة ما لوقت قصير للغاية، فسوف يكون هناك عامل عدم يقين كبير في الطاقة المقاسة للجسيم أو الذرة. ولكي نقيس الطاقة بدقة، سيكون علينا أن نقيس الجسم على مدار فترة زمنية طويلة، وفي هذه الحالة لا يمكننا أن نعرف بالضبط متى تم قياس الطاقة بالضبط.
ولو أن كل هذا ليس سيئا بما يكفي، فإن عالم الكم يصبح أكثر غرابة عندما نضيف إلى هذا المزيج نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن النسبية تضع الكتلة والطاقة على قدم المساواة. فلو أن لدينا طاقة كافية متوفرة، يمكننا خلق شيء له كتلة!
إذن، إذا وضعنا كل هذه الأشياء معا - التعدد الكمومي، ومبدأ عدم اليقين لهايزنبرج، والنسبية - فما الذي سنحصل عليه؟ سنحصل على صورة للإلكترونات أكثر إثارة للحيرة إلى ما لا نهاية من الصورة التي تعرضها لنا النظرية الكلاسيكية، التي أدت هي نفسها إلى طاقة ذاتية لانهائية للإلكترون.
Bog aan la aqoon