Richard Feynman: Noloshiisa Cilmiga
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Noocyada
مشتقة من كلمة يونانية تعني الحركة)، وكلما تحرك الجسم بسرعة أكبر زادت طاقته حركته. والشق الآخر من طاقة الجسم من الأصعب كثيرا إثباته والتحقق منه، كما يتضح من اسمه وهو: «طاقة الوضع». وربما كان هذا النوع من الطاقة خفيا، ولكنه المسئول عن قدرة الجسم على إحداث أثر فيما بعد. فمثلا، إذا سقط جسم ثقيل من أعلى مبنى شاهق فسيحدث ضررا أكبر (ومن ثم سيكون له أثر أكبر) في تحطيم سقف سيارة تقف أسفل المبنى عن الضرر الذي يحدثه نفس الجسم إذا سقط من ارتفاع عدة بوصات فوق السيارة. ومن ثم، من الواضح أنه كلما كان الجسم أعلى زادت قدرته على إحداث أثر، ومن ثم زادت طاقة وضعه.
إذن فما يخبرنا به مبدأ الفعل الأقل هو أن «الفارق» بين طاقة حركة الجسم في أي لحظة من الزمن وبين طاقة وضعه في اللحظة ذاتها، عند حسابه عند كل نقطة على طول المسار ثم جمع نواتج جميع النقاط على طول المسار، سيكون أصغر في حالة المسار الفعلي الذي يأخذه الجسم عن أي مسار محتمل آخر. فالجسم، بطريقة ما، يضبط حركته بحيث تكون طاقة الحركة وطاقة الوضع له متكافئتين - في المتوسط - إلى أقصى حد ممكن.
إذا بدا هذا غامضا وغريبا، فالسبب هو أنه غامض وغريب بالفعل. فأنى لأحد أن يبتكر مثل هذا المزيج في المقام الأول، ناهيك عن تطبيقه على حركة الأجسام العادية؟
إننا ندين بالشكر عن هذا لعالم الرياضيات والفيزيائي الفرنسي جوزيف لويس لاجرانج، الذي اشتهر بأبحاثه في الميكانيكا السماوية. فمثلا، حدد لاجرانج النقاط الموجودة في المجموعة الشمسية التي عندها تؤدي قوة جذب الكواكب المختلفة إلى إلغاء قوة جذب الشمس. وتلك النقاط تسمى «نقاط لاجرانج». وترسل وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» الآن العديد من الأقمار الصناعية إلى هذه النقاط حتى تتمكن من البقاء في مدارات ثابتة ومن ثم تتمكن من دراسة الكون.
غير أن أعظم إسهامات لاجرانج في الفيزياء ربما تضمنت إعادة صياغته لقوانين الحركة. إن قوانين الحركة لنيوتن تعزو حركة الأجسام إلى صافي القوى المؤثرة عليها. إلا أن لاجرانج استطاع أن يبين أن قوانين الحركة يمكن إعادة استنباطها بالضبط إذا استخدم المرء «الفعل» - الذي هو حاصل جمع الفوارق بين طاقة الحركة وطاقة الوضع لجميع نقاط المسار - والذي يسمى الآن على نحو ملائم «اللاجرانجية»، ومن ثم حدد بالضبط أنواع الحركة التي من شأنها أن تنتج المسارات التي تقلل تلك الكمية إلى أدنى حد ممكن. وأنتجت عملية التقليل، التي تطلبت استخدام حساب التفاضل والتكامل (الذي ابتكره نيوتن أيضا )، أوصافا رياضية للحركة تختلف تماما عن قوانين نيوتن، ولكنها كانت - استحضارا لروح فاينمان - متطابقة رياضيا، على اختلافها الشديد «نفسيا». •••
كان هذا المبدأ الغريب للفعل الأقل - الذي كثيرا ما يسمى «مبدأ لاجرانج» - هو ما شرحه السيد بادر لفاينمان في سن المراهقة. وما كان لمعظم المراهقين أن يجدوا هذا الأمر ساحرا أو حتى مفهوما، لكن فاينمان وجده كذلك، أو كان هذا على الأقل هو ما دونه في مذكراته عندما صار أكبر سنا.
غير أنه لو كانت لدى فاينمان الشاب أي فكرة في ذلك الوقت عن أن هذا المبدأ سيصبغ حياته بالكامل فيما بعد، فمن المؤكد أن تصرفاته لم تكن توحي بهذا عندما بدأ يتعلم المزيد عن الفيزياء لدى التحاقه بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. بل كان العكس تماما هو الصحيح. ففي وقت لاحق، قال عنه تيد ويلتون، الذي كان أفضل أصدقاء فاينمان أثناء الدراسة الجامعية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بل أثناء الدراسات العليا أيضا: «كان يرفض رفضا يثير الجنون الاعتراف بأن لاجرانج كان لديه شيء مفيد يضيفه إلى علم الفيزياء. كان باقي الطلاب جميعا منبهرين - كما كان ينبغي لنا - بإحكام وأناقة وفائدة صياغة لاجرانج، ولكن ريتشارد أصر بعناد أن علم الفيزياء الحقيقي يكمن في تحديد جميع القوى المؤثرة وتحليلها على نحو صحيح إلى مكونات أولية.»
إن الطبيعة - مثلها في ذلك مثل الحياة - تأخذ جميع أنواع التقلبات والمنعطفات الغريبة، والأهم من كل شيء آخر أنها لا تبالي بما يحبه المرء وما يبغضه. وبقدر ما حاول فاينمان في بداياته المبكرة أن يركز على فهم الحركة بطريقة تنسجم مع حدسه البريء البسيط، فقد أخذت مسيرته نحو العظمة مسارا مختلفا تماما. لم تكن هناك يد خفية توجهه. وبدلا من ذلك، أرغم هو حدسه على الانصياع لمتطلبات مشكلات عصره، وليس العكس. وكان التحدي من الصعوبة بحيث احتاج إلى ساعات وأيام وشهور لا حصر لها من العمل المضني على تدريب عقله على الالتفاف حول المشكلات التي لم تتمكن أعظم العقول في فيزياء القرن العشرين من حلها، حتى ذلك الوقت.
وكان فاينمان يجد نفسه يعود مرة أخرى إلى المبدأ نفسه الذي جعله يتحول إلى الفيزياء منذ البداية متى احتاج إليه.
الفصل الثاني
Bog aan la aqoon