============================================================
و قال ابن عباس: لو تمنوا الموت لماتوا، وقال ابن جريج في قوله تعالى بما قدمت أيدييم) (1). لما عرفوا أن محمدا حق فكتموه وكذبوا بالحق قال قتادة: لأنه تلا عليهم: (ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة) (2). وقال : إن اله عز وجل أذل ابن آدم بالموت، رفعه إلى النبي عالله . فالمؤمن أولى أن يجزع مما كرهه الله عز وجل، أن يأتيه الموت عليه .
وقال بعض العلماء: أنظر كل أمر تكره أن يأتيك الموت عليه فاتركه، فإن لم يدر لم جزعت نفسه فليأت ما لم تجزع النفس ، لأنها لم تجزع إلا لبلية (3)، وإن
سترها الهوى عنه، وما يكاد يكون ذلك، وإن لم تبال على أيهما أتاه الموت فليبدأ بايهما شاء، فإنه قد وزن العمل قبل أن يوزن، وعرضه قبل أن يعرض، وفتش من نفسه قبل آن يفتش، والموت معيار العابدين فيما يشكل عليهم من همومهم في اعمالهم، ويبين الاستعداد له كلما خفي عليهم من قصد ضمائرهم وأهوائهم في أعمال جوارحهم، لأنه لا يستعدون لم يعلم السر، ولا يخفى عليه غوامض الصدور، إلا بما لا خدعة فيه ولا التباس.
قلت: أجمل لي جملة الأولى فالأولى مما هو أوجب وأفضل بعد تفسيرك هذا لأحفظه مختصرا مع ما عرفتني مفسرا.
قال: إذا عرض للعبد أمران واجبان في وقت واحد بدأ بأوجبهما قبل الآخر الذي هو دونه في الوجوب آو عرض له واجبان لأحدهما وقت يفوت والآخر لايفوت وقته، بدأ بما يفوت وقته قبل الآخر.
فان كان في فرض فعرض له فرض دونه لم يخرج منه إلى ما هو دونه حتى يتمه.
1) سورة البقرة، الآية: 95.
(2) سورة التوبة، الآية: 94.
(3) وهذا الأصل كله راجع إلى قاعدة الصديق الأكبر رضي الله عنه فيما إذا عرض للانسان أمران . فإنه يجب أن يأتي منهما أثقلهما على النفس ، لأنه هو الحق .
125
Bogga 124