171

Rhetoric 2 - Meanings - Madinah University

البلاغة ٢ - المعاني - جامعة المدينة

Daabacaha

جامعة المدينة العالمية

Noocyada

بالإشارة للقريب بسر بلاغي يتمثل في تعظيمه؛ تنزيلًا لقربه من النفس منزلة قرب المسافة والمكانة؛ فيعبر عنه حينئذٍ باسم الإشارة الموضوع للقريب؛ تحقيقًا لهذا الغرض كما في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء: ٩) ووجه إفادة التعظيم من اسم الإشارة الموضوع للقريب أن المحبوب يكون عادة مخالطًا للنفس، حاضرًا في الذهن، لا يغيب عن الخاطر، فإرادة تعظيمه يناسبها القرب المكاني.
وكما يعرف المسند إليه بالإشارة للقريب للتعظيم يعرف بها أيضًا بقصد التحقير؛ تنزيلًا لدنو منزلته وانحطاط مرتبته منزلة قرب المسافة؛ فيعبر عنه حينئذٍ باسم الإشارة الموضوع للقريب؛ تحقيقًا لهذا الغرض، كما في قول الله تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (العنكبوت: ٦٤) وقد أشير إلى الحياة الدنيا بالقريب إشعارًا بهوانها وحقارتها، فلا ينبغي للمؤمن أن يجعلها غاية أو أن يتخذها هدفًا. من هنا قال ﷺ: «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى الكافر منها جرعة ماء» وكما في قوله تعالى حكايةً لقول المشركين: ﴿أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ (الأنبياء: ٣٦) مشيرين إلى النبي ﷺ قصدًا إلى إهانته في زعمهم -قبحهم الله -.
ومن هذا القبيل قول الشاعر:
ولا يقيم على ضيم يراد به ... إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثى له أحد
فقد عرف المسند إليه في الموضعين من البيت الثاني باسم الإشارة الموضوع للتحقير، ووجه دلالته على التحقير أن التحقير عادة لا يمتنع على الناس، بل

1 / 190