Return of the Spirit and Awakening of Faith
عودة الروح ويقظة الإيمان
Daabacaha
دار السراج
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Noocyada
لمن الخلق والأمر والتدبير؟!
أمر الله ﷿ موسى- ﵇ بالذهاب إلى فرعون وتبليغه رسالة فحواها: أنه سبحانه هو ربه، ورب كل شيء ومليكه، وهو وحده المستحق للعبادة، وأنه يكره الظلم والطغيان، وأيد الله- جل ثناؤه- موسى ﵇ بآية عظيمة تدل على صدقه، وأنه مبعوث من رب العالمين .. هذه الآية هي تحويل عصاه التي يتكئ عليها إلى حية عظيمة بإذن الله.
رأى فرعون الآية الكبرى لكنه لم يستسلم لله رب العالمين .. منعه الكبر، والخوف على مصالحه وامتيازاته التي توفرها له مكانته بين رعيته.
استشار بطانته في كيفية إبطال ما جاء به موسى- ﵇ فطرأت له ولهم فكرة اتهامه بالسحر، وراقت لفرعون الفكرة، وانساق وراءها، فطلب ممن حوله إحضار جميع السحرة لمنازلة موسى- ﵇ وإبطال سحره ﴿قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ - يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ - قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ - يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ﴾ [الشعراء:٣٤ - ٣٧].
يأتي السحرة، ويجتمعون في مكان فسيح، وتخرج جموع الناس لمشاهدة هذا الأمر المثير، ويأتي موسى ﵇ ويطلب منهم أن يُظهروا ما عندهم من فنون السحر ...
يُلقي السحرة عصيهم وحبالهم، فإذا بها تبدو للناس وكأنها تتحرك ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: ١١٦].
فماذا فعل موسى- ﵇ تجاه ما رآه وهو يعلم أن العصا التي معه يمكنها أن تتحول إلى حية عظيمة- بإذن الله- فتحطم سحرهم؟!
هل استهزأ بما فعلوه وقال لهم: سترون الفارق بين عصاي وعصيكم، وستعلمون من الأقوى، فالحية التي سترونها لا مثيل لها؟!
لا، لم يقل لهم هذا، بل قال لهم: ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ﴾ [يونس: ٨١]. لقد قفز بهذه الجملة عبر كل الحواجز والمألوفات الأرضية، ووضعهم أمام الحقيقة الكبرى التي تقوم على أساسها السماء والأرض وما فيهن، فلن يُبطل السحر عصا أو حية، بل سيبطله الله ﷿ ..
نعم، هناك عصا ستتحول إلى حية بإذن الله، هذه الحية ستلتهم جميع الحيَّات المزيفة، ولكن كل هذا لن يتم إلا بأمر الله، وإمداداته المتوالية.
فجوهر الأمر أن الله ﷿ هو الفاعل، وأنه -سبحانه- هو الذي سيُبطل السحر، وما الحية، وما العصا إلا صور وأشكال لا قيمة لها بدون المدد الإلهي المتواصل.
لله الأمر جميعًا:
نعم، أخي، فالله ﷿ هو وحده الذي يملك هذا الكون كله ﴿للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ﴾ [المائدة: ١٢٠].
فكل ما تراه أمامك، وكل ما يوجد خلفك، وعن يمينك وشمالك فهو ملك ذاتي لله جل ثناؤه ﴿وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٩١].
﴿لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [مريم: ٦٤].
ومع مُلكه لكل شيء فهو سبحانه المتصرف والمدبر لشئون جميع خلقه - صغيرها وكبيرها- وهو القائم على تربية جميع مخلوقاته بالإمداد والرعاية فهو: ﴿رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٦٤].
لا ينسى أحدًا من خلقه- حاشاه- وكيف ينساه ووجوده، ووجود جميع المخلوقات مرتبط به سبحانه، فإما الإمداد الإلهي المستمر للجميع وإلا فلا حياة ولا وجود ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [هود: ٦].
﴿أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ [الملك: ١٩].
فكافة أمور الخلائق وما يستلزمها من مقومات الحياة والحركة والسكون، وما يتعلق بوجودها من علاقات متشابكة بين أنواعها المختلفة أو بين النوع الواحد .. كلها بيده سبحانه، هو الذي يدبرها ويتولى أمرها ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ﴾ [الأعراف: ٥٤].
1 / 3