Research in Terminology by Al-Fahl
بحوث في المصطلح للفحل
Noocyada
إذن شرط الاضطراب الاتحاد في المصدر، وعدم إمكانية التوفيق بَيْنَ الوجوه المختلفة والترجيح عَلَى منهج النقاد وعلى ما تقدم يتبين لنا أنّ بَيْنَ الاضطراب والاختلاف عمومًا وخصوصًا، وَهُوَ أن كُلّ مضطرب مختلف فِيْهِ، ولا عكس. فالاختلاف أعم من الاضطراب إِذْ شرط الاضطراب أن يَكُوْن قادحًا، أما الاختلاف فربما كَانَ قادحًا وربما لَمْ يَكُنْ قادحًا.
ثُمَّ إنه ليس كُلّ اختلاف يؤدي إلى وجود الاضطراب، إِذْ إن ما يشبه أن يَكُوْن اضطرابًا ينتفي عَنْ الْحَدِيْث إذا جمع بَيْنَ الوجوه المختلفة أو رجح وجه مِنْهَا عَلَى طريقة النقاد لا عَلَى طريقة التجويز العقلي.
المبحث الثالث
أنواع الاختلاف
من البدهي أن يختلف الرُّوَاة سندًا ومتنًا فِيْمَا يؤدونه من الأحاديث النبوية؛ ذَلِكَ لأن مواهب الرُّوَاة في حفظ الأحاديث تختلف اختلافًا جذريًا بَيْنَ راوٍ وآخر، فمن الرُّوَاة من بلغ أعلى مراتب الحفظ والضبط والإتقان، ومنهم أدنى وأدنى. ولا عجب أن يختلَّ ضبط الرُّوَاة من حال إلى حال ومن وقت إلى وقت مع تغيرات الزمان واختلاف الأحوال وتبدل الصحة. هَذَا مع اختلاف الرُّوَاة في عنايتهم في ضبط ما يتحملونه من الأحاديث فمنهم من يتعاهد حفظه ومنهم من لا يتعاهد، ومنهم من لا يحدّث إلا بصفاء الذهن ومراجعة الأصول (١)
_________
(١) لذا نجد ابن المديني يمتدح الإمام أحمد؛ لأنه يحدث من أصوله، ويعدها من مكارمه، فيقول: «ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عَبْد الله أحمد بن حَنْبَل، وبلغني أنه لا يحدّث إلا من كتاب، ولنا فِيْهِ أسوة» الجامع لأخلاق الرَّاوِي ٢/١٢ (١٠٣٠) .
عَلَى أن الحافظ ابن حجر يرى أن نسبة الخطأ الواقع في مرويات من يحدث من أصوله أقل مِنْهَا في مرويات من يحدث من حفظه. انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ ١/٢٦٩.
1 / 7