48

Recording the Prophetic Tradition in the Second and Third Islamic Centuries

تدوين السنة النبوية في القرنين الثاني والثالث للهجرة

Daabacaha

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة

Noocyada

إلى الكتاب فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب فيجتمع معه في شيخه أو في من فوقه ولو في الصحابي مع رعاية ترتيبه ومتونه وطرق أسانيده. وشرطه ألا يصل إلى شيخ أبعد حتى يفقد سندًا يوصله إلى الأقرب إلا لعذر مِنْ علو أو زيادة مهمة. وربما أسقط المستخرج أحاديث لم يجد له بها سندًا يرتضيه، وربما ذكرها من طريق صاحب الكتاب (١) . وللمستخرجات فوائد كثيرة من أهمها علو الإسناد وزيادة الصحيح الذي هو غاية في حد ذاته، فإن تلك الزيادات صحيحة لكونها بإسنادهما (٢) . واختار أبو الحسن الدارقطني (ت٣٨٥هـ) وأبو عبد الله الحاكم (ت٤٠٥هـ) استدراك ما فاتهما من الحديث الذي على شرطهما، وقد سمى الدارقطني كتابه "الإلزامات" وهو صغير الحجم؛ لكونه أول محاولة في هذا المجال، في حين كان مصنف الحاكم المسمى بالمستدرك كبيرا، ودالًاّ على ضخامة الجهد المبذول فيه. ويتبين من المقدمة التي وضعها له أن تشويش الزنادقة والمبتدعة على السنة النبوية لم يعرف التوقف، وأن انشغال المحدثين بالرد عليهم عمليا كان قويا جدا، فهو ﵀ قد ربط مقصده من تأليف الكتاب بقضية واحدة هي إبطال مقالة من يدعي قلة الأحاديث الصحيحة وانحصارها فيما ألفه الشيخان رحمهما الله، وهي مقالةٌ يُراد بها تضييق شروط الصحيح وتقليص دائرة المقبول، وركوبها إلى الطعن في منهج أهل السنة عامة وإبطال العمل

(١) الرسالة المستطرفة: ص ٢٤. (٢) انظر تدريب الراوي ج١: ١١٤-١١٥.

1 / 48