وإن كان المرء حرا سياسيا ومقيدا دينيا وأدبيا فحريته ناقصة، والحرية الجوهرية الروحية الكاملة لا تسود وتنتشر في الأمم إلا بواسطة العلم الصحيح والتهذيب الصحيح. فعلينا إذا أن ننادي بإصلاح المدارس بعد أن فتح لنا باب إصلاح الحكومة، فإن أصلحنا الحكومة وظل التعليم تحت سيطرة من يقتلون في الناشئة العثمانية عزة النفس وروح الاستقلال وعاطفة حب الوطن ويعطونهم بدلا من ذلك قليلا من العلم الذي قلما يفيد، نعود إلى الحال التي كنا فيها وتمسي حريتنا كجواد الإمبراطور الروماني كاليغولا
9
ودستورنا كطيلسان ابن حرب أو كجبة ديوجن،
10
علينا إذا أن نبث الروح الجديدة في مدارسنا، علينا أن نشيد لحريتنا حصنا من التهذيب كما شيدت لها الحكومة حصنا من الدستور، علينا بالجهاد والثبات، وبالتيقظ والتحذر، تحذروا أيها العثمانيون وتنبهوا.
تحذروا من انقلاب الأحوال وتقلب الرجال فإن للوزارة في الدولة مقاصد تخفى على ممثلي الأمة وعمال الحكومة.
تحذروا من رجعات الظلم، تنبهوا إلى عودات الاستبداد فإن في السياسة من الأحابيل والأشراك ما لا يعرفها إلا من أشرف في السياسة مرارا على الهلاك، احذروا من كان في عهد الظلم حرا فأصبح اليوم مقيدا، فبدل الجاسوسية القديمة قد يتألف اليوم من حزب التقهقر جاسوسية جديدة.
احذروا حيل المشعوذين والممخرقين كحذركم دسائس المعزولين والساقطين، ولا تغضوا الطرف عنهم قائلين: إن لسمهم درياقا بالدستور، لا تأمنوا السم بأصفهان، إن كان درياقه بخراسان.
احذروا الخونة والمرائين الذين ينادون معكم اليوم «فلتحي الحرية» وهم في قلوبهم يلعنونها.
احذروا من المأمورين من يبتهج ويفرح معكم بالدستور وكان الظلم من طبعه والاستبداد وراثة فيه، فإن العوسج لا ينبت تينا، والصخر لا يستحيل ماء معينا.
Bog aan la aqoon