وآذانُهم عن صَرِيخ الاسْتغاثةِ صُمَّت، فقد خلاَ من المكارم مَغْناها، وأصبح لا يجاوِب البُومَ إلاَّ صَداها.
لكنني مع أهواله، ودُروس رُسوم السرور في أطْلالِه، وإن توسَّدتُ ذراعَ الهمِّ في دياجيها، وقطعتُ ظُلمةَ الشَّدائد في سَنَا بدْرِ أمانيها، أتعلَّل بأن السيفَ لا يقطعُ في قِرابِه، والليثَ لا يصِل لغرض الفرائس في غابِه، ولولا مُفارقة القوس ما أصاب سهم، ولولا بُعْد الدُّرّ عن الصَّدف لم يَظفَرْ من الغِيد بأوْفَى سهم، فلذلك أُضَاحِك مباسِمَ الأمانِي، وأُغازِل عيونَ الآمال والتَّهاني، وأُنزِّه طَرْفي في رياض الدَّفاتر، ولم أَقِل مع السرور إلا في ظلِّ طائر، فزمان مسرَّاتي أقصرُ مِن عمر المكارم، وفؤادي لم يهْتَدِ إلى طُرْق سَلْوة المُدَام، في أُوَيْقات أثقل من السُّؤَّال، وأطول من عمر الآمال، أشْأمُ مِن وجه خَنَّاس، وأثقلُ من غريمٍ مُلِحٍّ على إفْلاس.
ولم يكْفِ الدَّهرَ ما ورَّثنِيه من الحِرمان، حتى ابْتلاني بعد الإثْبات بالنَّفْي كأنِّي نِكْتُ أُمَّ الزَّمان، وأنا أستغفر الله جلَّ وعلا، ولا أرْتضى بمَعرَّة أبي العَلاَ، في قوله:
إذا ما ذكرْناَ آدمًا وفعِالَه ... وتزْويجَه لابْنَيِهِ بِنْتيْهِ في الْخَنَا
1 / 9