234

Ray Fi Abi Cala

رأي في أبي العلاء: الرجل الذي وجد نفسه

Noocyada

2: 131

ويقول:

خلقت من الدنيا وعشت كأهلها

أجد كما جدوا وألهوا كما لهوا

2: 335

فهو متأثر بآفته هذا التأثر الحاد ولا سيما حين يقدر دارسه أنه خرج إلى الدنيا بوراثة طامحة من أب قد نمته أسرة عرفت بالعلم وتولي القضاء، وأم من حلب، التي يقول أبو العلاء عن نسائها في الغفران: «فطالما كن أجود غرائز من رجالهن، وربما كان في نساء حلب شواعر.» (ص205) فهي وراثة كريمة دافعة إلى ابتغاء الرفعة، والآفة كابحة معوقة، فالشعور بها حاد ثائر. ومن هنا يبدأ فهم نفسية أبي العلاء بالنواميس المقررة في نفوس الناس. •••

أراد أبو العلاء مع هذه الوراثة وهاتيك الآفة أن يستعيض عما فاته، ويكمل ما نقصه خضوعا للناموس النفسي

18

في ذلك حين يكون العيب الطبيعي سببا في تقوية الروح المعنوية وعاملا في بروز الشخصية رغبة في التعادل النفسي، وسعيا إلى التكافؤ، وطلبا للتعويض عن النقص. وهذا هو ما يشير إليه أحد النفسيين المحدثين حين يقول: إن الحضارة كلها نتيجة المساعي التي تبذل للتغلب على الشعور بالنقص الذي ينشأ عن عاهة تلحق الجسد. فكان الدور الأول من حياته إلى سن الثلاثين - على ما يحدده هو فيما سيجيء - منفعلا بهذا الشعور، فاعتزم اعتزاما قويا - على ما قال في الفصول - أن يفر من القدر: «ولقد فررت من القدر» (ف283)، قد فررت من قدر الله (ف251). ولذلك تجاهل الواقع الجسمي المادي فيه، وراح يطلب الدنيا في جد وتصميم، معتزما أن يساوي الآخرين فيها، فكان منه في هذا الدور ما وصفه مترجموه في قولهم: عجب من العجب، شاعر ظريف يلعب بالشطرنج والنرد، ويدخل في كل فن من الجد والهزل، يقول:

أنا أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر.

Bog aan la aqoon