213

Rawdat Wacizin

روضة الواعظين و بصيرة المتعظين - الجزء1

من عذابه. قد فهم السرائر. وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، وما اشتبهت عليه الخفيات. له الإحاطة بكل شيء، والغلبة لكل شيء، والقوة في كل شيء، والقدرة على كل شيء، لا مثله شيء وهو منشئ الشيء حين لا شيء، وحين لا حي، قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم. جل عن أن تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير. لا يلحق وصفه أحد بمعاينة، ولا يحد. كيف وهو من سر ولا علانية إلا بما دل على نفسه.

أشهد له بأنه الله الذي أبلى الدهر قدمته؛ والذي يغني الأبد نوره، والذي ينفذ أمره بلا مشورة، ولا معه شريك في تقدير، ولا تفاوت في تدبير. صور ما ابتدع بلا مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال. أنشأها فكانت، وبراها فبانت. وهو الله الذي لا إله إلا هو المتقن الصنع، الحسن الصنعة، العدل الذي لا يجور، الأكرم الذي ترجع إليه الأمور.

أشهد أنه الله الذي تواضع كل شيء لعظمته، وذل كل شيء لعزته واستسلم كل شيء لقدرته، وخضع كل شيء لهيبته، ملك الأملاك، ومسخر الشمس والقمر في الأفلاك كل يجري لأجل مسمى، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد، وكل شيطان مريد. لم يكن له ضد، ولا معه ند، أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، إلها واحدا وربا ماجدا. يشاء فيمضي، ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي، ويميت ويحيي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويدبر فيقضي، ويمنع ويعطي، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. يولج الليل في النهار، ويولج النهار في

Bogga 219