وبناء على القرار السابق كان بزرجمهر وزيره، وبعد مدة مضى كسرى إلى الروم وأسر القيصر ثم أطلق سراحه بشرط أن يأتى كل عام إلى القصر، ومضى من هناك إلى ما وراء النهر واصطلح مع الخاقان بشرط أن تكون فرغانة لأنو شيروان وزوجه ابنته، ومضى لمحاربة الهياطلة وقهرهم، ومضى إلى الهند والصين وقد التزم بأداء الخراج وعاد، وجاء من دربند أن القبجاق أغاروا، فمضى إليهم وقمعهم، وأمر بتعمير دربند، وفى بداية عهده ظهر خالد بن سنان العبسى نبيا فى العرب، ويقال: إنه كان أول نبى ظهر من نسل إسماعيل (عليه السلام)، ويقولون: إن الملك الذى جاءه بالوحى كان مالك خازن جهنم، وقالوا فى حقه:
شعر
وخالدنا العبسى لا ينكرونه
نبى الإله كان بان راتدارا
ويقال: إن ابنته مضت لخدمة المصطفى (عليه السلام) وكانت عجوزا، فأجلسها المصطفى (عليه السلام) على ردائه المبارك وقال: مرحبا بابنة نبى ضيعة أهله، وسمعت سورة الإخلاص، فقالت: كان أبى يقرأها 32. وولد نبينا محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) فى آخر عهده، وفى ذلك الوقت انطفأت بيوت النار وجفت بحيرة ساوة وسقطت اثنتا عشرة شرفة من إيوان كسرى، وانهدم دير جواث فى الهند، وكنيسة المسيحيين فى بلاد الأرمن، وبنى كسرى مدينة تسمى رومية بجوار المدائن على هيئة أنطاكية، ولما بلغ الرابعة والثمانين أسند ولاية الملك إلى هرمز، وأوصى أن لا تظهر مقبرته وتوفى، وكانت مدة ملكه أربعا وأربعين سنة، وكان نقش خاتمه (لا يكون العمران حيث يجور السلطان).
هرمز بن أنو شيروان:
بناء على الوصية خلف أباه، وهو ابن ابنة الخاقان، وكان ملكا قاهرا سائسا، شغل نفسه بالعدل، وتفوق فى ميدان العدل على كسرى، وبالغ كثيرا فى رعاية الضعفاء وقهر المعتدين بحيث إنه عاقب ثلاثة عشر ألفا من عظماء العجم، ولم يكن له نصيب من العلم والعفو ويعاقب على الذنب الصغير، ولذلك السبب نفرت منه قلوب الملوك والأبطال وقصده من أطراف البلاد كل من القيصر من الروم وعباس الأحول وعمر الأرزاق من العرب، ومن الترك سابه خاقان الصين، وقد دفع شر هؤلاء عنه بالمال والصلح، وأرسل بهرام جوبين إلى خراسان، ومضى لمحاربة الخاقان حتى قتله، وبعد ذلك تمرد بهرام، وسلط قادة الجيش على برويز، فبلغ هذا الخبر هرمز، فهرب برويز ومضى إلى آذربيجان، فأرسل هرمز جيشا لمحاربة بهرام، فانهزم جيش هرمز وأسره أكابر الفرس وسملوه عينيه، وكانت مدة ملكه أحد عشر عاما.
Bogga 77