بلاش بن فيروز:
لما أصبح ملكا جعل أمور المملكة فى يد سوخر وزير أبيه، ودبر أمور الملك على أساس علمه وسداد رأيه، وبذلك صار العالم معمورا والقلوب مسرورة، وبنى مدينة فى سواد العراق سماها بلاش آباد، وفى تلك المدة هرب أخوه قباد، واتصل بخاقان الترك ، وبينما هو فى الطريق فقد نزل فى قصر الدهقان فى مدينة إسفرايين، ومع أن الدهقان لم يعرفه، فقد أدى واجب الضيافة، وكانت له بنت ذات جمال فزوجه إياها، وحملت منه فى هذه الفترة، ومضى قباد إلى الخاقان، فولدت البنت ابنا بعد تسعة أشهر كان فى جماله مثل العسل، ولذلك السبب سموه" نوش روان"، وبقى قباد أربعة أعوام فى تركستان، وبعد ذلك أرسل معه الخاقان جيشا حتى يستخلص الملك لنفسه، ولما وصل قباد لهذه القرية ورأى هذا الطفل، ونال حظ السرور من مشاهدته، وفى اليوم نفسه قدم رسول من بلاد إيران ونعى إليه أخاه، وبشره بأن أهل العجم يريدونه ليجعلوا له التاج والعرش، فتفاءل قباد بهذا الولد وحمله معه إلى المدائن، واستولى على الملك واتفق مع سوخر، وكانت مدة ملك بلاش أربعة أعوام وشهرا.
قباد بن فيروز:
لما أصبح ملكا كرس جهده للعدل والقسطاس، وعمر العالم، ولما مرت خمسة أعوام على توليه الملك كان سوخر قد دبر أمور الملك وتولى زمام الأمور، ويقوم بإدارة الأعمال دون مشورة قباد، فضاق منه واشتكاه لعظيم من أركان الدولة اسمه شابور، وقال: لست إلا رمزا، وباقى الأعمال كلها لسوخر، فقال شابور: يجب ألا يفكر الملك فى ذلك، وسأقوم بعمله من الغد، وفى اليوم التالى قدم سوخر إلى القصر، فالتفت إليه شابور، وقال: لماذا لا تعرف حدك ونسيت نفسك وتتدخل فى الأعمال بغير أمر الملك؟، فحل الحزام عن وسطه ووضعه فى عنقه، ونجا قباد منه، وأسلم الأمر لشابور، وجعل الحقوق القديمة على أثر الغضب كأن لم تكن، حتى يعلم العقلاء أن خدمة الملوك فتنة الأخطار، وملازمة بساط السلاطين أمر صعب، وعلى من يطلب السلامة أن يتحاشى خدمة الملوك حتى يصان من بلاء عقابهم.
Bogga 74