168

لكان سواء برؤه وسقامه

ولكن وشك البين أدهى وأوجع وله أيضا:

تمتع من خليلك بالوداع

فما بعد الرحيل من اجتماع

فكم جربت من هجر وعدو

ومن حال ارتفاع واتضاع

وكم كأس أمر من المنايا

شربت ولم يضق عنها ذراعى

تعالى الله كل مواصلات

وإن طالت تؤول إلى انقطاع

وله أيضا:

لا خير فى عاشق يخفى صبابته

بالقول والشوق فى زفراته بادى

يخفى هواه ولا يخفى على أحد

حتى على العيس والركبان والحادى

وانتقل أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيرى من الرى إلى نيسابور، وصحب الشاه الكرمانى، ويحيى بن معاذ الرازى، وتزوج ابنة أبى حفص الحداد، وتوفى بعد وفاة أبى حفص بثلاثين عاما، قال: لا يكمل المرء ما لم تتساوى فى قلبه أربعة أشياء: المنع، والعطاء، والعز، والذل. وقال: تكلم مع الله بحسن الأدب، ومع الرسول (عليه السلام) بمتابعة السنة، وملازمة ظاهر الشريعة، ومع الأولياء بالاحترام والخدمة، ومع أهلك وعيالك بحسن الخلق، ومع إخوتك بوجه باسم دون ذلك أو خطأ، ومع الجهلاء بالدعاء وطلب الرحمة لهم.

وقال عظماء هذا العصر فى الدنيا ثلاثة أشخاص، لا رابع لهم: أبو عثمان فى نيسابور، والجنيد فى بغداد، وأبو عبد الله بن جلا فى الشام.

وكان أبو الفوارس شاه شجاع الكرمانى من أبناء الملوك، وأدرك صحبة أبى تراب النخشبى، وأبى عبيد التسترى، ومات قبل عام ثلاثمائة، وقال: علامة التقوى الورع، وعلامة الورع الامتناع عن الشبهات. وقال: كل من يخفى غضبه عن الحرام، ويحفظ نفسه عن الشهوات، ويعمر سريرته بالحفظ الدائم، وظاهره بمتابعة السنة، ويعلم نفسه أكل الحلال فلن تخطئ فراسته.

Bogga 193