216

Beerta Ardayda

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Baare

زهير الشاويش

Daabacaha

المكتب الإسلامي

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

1412 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

وَلَيْسَ لِلْقَادِرِ عَلَى الِاجْتِهَادِ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ. فَإِنْ فَعَلَ وَجَبَ قَضَاءُ الصَّلَاةِ، وَسَوَاءٌ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَمْ لَمْ يَخَفْهُ.
لَكِنْ إِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى كَيْفَ كَانَ وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَفِيهِ وَجْهٌ لِابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ يُقَلِّدُ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ، وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ: يَصْبِرُ إِلَى أَنْ تَظْهَرَ الْقِبْلَةُ، وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ، وَلَوْ خَفِيَتِ الدَّلَائِلُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ لِغَيْمٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ تُعَارُضِ أَدِلَّةٍ فَثَلَاثَةُ طُرُقٍ؛ أَصَحُّهَا: قَوْلَانِ:
أَظْهَرُهُمَا: لَا يُقَلِّدُ، وَالثَّانِي: يُقَلِّدُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: يُقَلِّدُ، وَالثَّالِثُ: يُصَلِّي بِلَا تَقْلِيدٍ كَيْفَ كَانَ وَيَقْضِي. فَإِنْ قُلْنَا: يُقَلِّدُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: هَذِهِ الطُّرُقُ إِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، وَقَبْلَ ضِيقِهِ، يَصْبِرُ، وَلَا يُقَلِّدُ قَطْعًا، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ. قَالَ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ مِنَ التَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاجْتِهَادِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَعَلُّمِ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ، كَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ، وَلَا لَهُ أَهْلِيَّةُ مَعْرِفَتِهَا، وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ عَارِفٍ بِالْأَدِلَّةِ، سَوَاءٌ فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ.
وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: لَهُ تَقْلِيدُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ، وَالتَّقْلِيدُ: قَبُولُ قَوْلِهِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى الِاجْتِهَادِ. فَلَوْ قَالَ بَصِيرٌ: رَأَيْتُ الْقُطْبَ، أَوْ رَأَيْتُ الْخَلْقَ الْعَظِيمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُصَلُّونَ إِلَى هُنَا، كَانَ الْأَخْذُ بِهِ قَبُولَ خَبَرٍ لَا تَقْلِيدًا.
وَلَوِ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اجْتِهَادُ مُجْتَهِدَيْنِ، قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْأَوْلَى تَقْلِيدُ الْأَوْثَقِ وَالْأَعْلَمِ، وَقِيلَ: يَجِبُ ذَلِكَ.
وَقِيلَ: يُصَلِّي مَرَّتَيْنِ إِلَى الْجِهَتَيْنِ، وَأَمَّا الْمُتَمَكِّنُ مَنْ تَعَلَّمَ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ فَيُبْنَى عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمْ عَيْنٍ؟ وَالْأَصَحُّ: فَرْضُ عَيْنٍ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ؛ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ سَفَرًا فَفَرْضُ عَيْنٍ؛ لِعُمُومِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ إِلَيْهَا، وَكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، إِذَا لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، ثُمَّ السَّلَفَ أَلْزَمُوا آحَادَ النَّاسِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 218