124

Rawdat Muhibbin

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

Baare

محمد عزير شمس

Daabacaha

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Lambarka Daabacaadda

الرابعة

Sanadka Daabacaadda

1440 AH

Goobta Daabacaadda

الرياض وبيروت

Noocyada

Suufinimo
والفريق الثاني عارضوا بين الأمر والقَدَر، وبين ما يُحبُّه ويرضاه، وبين ما قدَّره وقضَاه، ثم افترقوا أربعَ فِرَقٍ: فرقة كذَّبت بالقدر محافظةً على الأمر، فأبطلتِ الأمرَ من حيث حافظت على القَدَر، فإنَّ الإيمان بالقدر أصلُ الإيمان بالأمر، وهو نظامُ التوحيد، فمن كذَّب بالقدر نَقَضَ تكذيبُه إيمانَه. وفرقةٌ ردَّتِ الأمرَ بالقَدَر، وهؤلاء من أكفر الخلق، وهم الذين حكى الله قولهم في القرآن إذ قالوا: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام/١٤٨] وقالوا أيضًا (^١): ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [النحل/٣٥]، وقالوا أيضًا: ﴿لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾ [الزخرف/٢٠]، وقالوا أيضًا: ﴿أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾ [يس/٤٧]. فجعلَهم الله سبحانه بذلك مكذِّبين خارصينَ، ليس لهم علم، وأخبرَ أنَّهم في ضَلال مبين. وفرقةٌ دارت مع القَدَر، فسارت بسَيْره، ونزلتْ بنزوله، ودانت به، ولم تُبالِ وافقَ الأمرَ أو خالفَه، بل دينُها القدر، فالحلالُ ما حلَّ بيدها قدرًا، والحرامُ ما حُرِمَتْهُ قَدَرًا، وهم مع منْ غلَب قَدَرًا من مسلمٍ أو كافرٍ، برًّا كان أو فاجرًا (^٢)، وخواصُّ هؤلاء وعُبَّادُهم لما شهدوا الحقيقة

(^١) «لو شاء ... أيضًا» ساقطة من ش. (^٢) ت: «برّ أو فاجر».

1 / 97