153

============================================================

وروى عن علقة بن مريد رضى الله عنه قال انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين منهم أويس القرتى رضى الله عنه ظن أهله أنه مجنون فبنوا له بيتا على باب دارهم فكانت تأتى عليه السنة والسنون لا يرون له وجها وكان طعامه ما يلتقط من النوى، فإذا أمسى باعه لافطاره، فلما ولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال بالموسم أيها الناس قوموا فقاموا فقال اجلسوا إلا من كان من اليمين فجلسوا فقال اجلسوا إلا من كان من مراد فجلسوا فقال اجلسوا إلا من كان من قرن، فجلسوا إلا رجلا وكان عم أويس فقال له عمر أقرنى أنت قال نعم قال أفتعرف أويسا قال وما تسأل عن ذلك يا أمير المؤمنين فوالله ما قينا أحمق ولا أجن ولا أحوج منه فبكى عمر ثم قال بك لا به فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يدخل الجنة بشفاعته مثل ربيعة وم روروى) عن عمار بن يوسف الضبى قال قال رجل لأويس القرنى كيف أصبحت وكيف أمسيت، فقال أصبحت أحب الله وأمسيت أحمد الله، وما تسأل عن حال رجل إذا أصبح ظن أنه لا يمسى) واذا أمسى ظن أنه لا يصبح، إن الموت وذكره لم يدع لمؤمن فرحا، وإن حق الله تعالى في مال المسلم لم يدع له في ماله فضة ولا ذهبا، وإن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لم يدع لمؤمن صديقا يأمرهم بالمعروف ويشتمون أعراضنا ويجدون على ذلك أعوانا من الفاسقين حتى والله لقد رمونى بالعظائم، وايم الله لا أدع أن أقوم لله فيهم بحقه ثم أخذ الطريق يعنى مشى وخلانى.

(وروى) عن هرم بن حيان رضى الله عنه قال بلغنى حديث آويس فقدمت الكوفة فلم يكن لى هم إلا طلبه حتى سقطت عليه جالسا على شاطئ الفرات نصف النهار يتوضأ فعرفته بالنعت الذى نعت له، فإذا رجل نحيل شديد الأدمة أشعث محلوق الرأس مهيب المنظر فسلمت عليه فرد على السلام ونظر إلى ومددت يدى إليه لأصافحه فأبى أن يصافحنى (قلت) وفي انقباض أويس رضى الله عنه وما كان فيه من رثاثة الحال والتوحش والانعزال وما نسب إليه الجهال من الجنون والاختسلال وما كان فسيه من التقشف والابتذال وغير ذلك من سائر الأحوال أظهر دليل لمن تحا ذلك النحو من الفقراء الصادقين ولا مبالاة بإنكار من ينكر عليهم ويزعم أن ذلك خلاف السنة ولم يدر أن السنة العظمى هى ترك الدنيا والإعراض عن الورى والإقبال على المولى وترك الخلائق كلها سوى الله عز وجل

Bogga 153