بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله الذي فقه في الدين من أراد به خيرًا عظيمًا، وأعلى قدر من وفقه لطاعته فسبقت له السعادة في أزليته قديمًا. فسبحانه من إله ستر عيوب من هداه لشرائع الأحكام، وشرح صدره وجعل فضله عليه عميما.
أحمده وأشكره مستزيدًا من نعمه مستديمًا. وأتوب إليه وأستغفره وأسأله جنة عالية ونعيما.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله لم يزل منعما كريمًا. وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله نبي من تمسك بشريعته فقد فاز فوزًا عظيما.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وتابعيه صلاة تعممهم بها تعميما. وسلم تسليما.
أما بعد فإن الاشتغال بالعلم من أفضل الأعمال، خصوصًا علم الحلال والحرام.
فلقد سنح بالبال أن أقصد الكتاب الموسوم بكافي المبتدي تأليف الشيخ الإمام العالم العلامة محمد بن بدر الدين بن عبد القادر بن بلبان الخزرجي القادري الحنبلي رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنته ببعض مطالعة، فرأيته في غاية الإيجاز، مبرءًا عن وصمة الألغاز، ولغاية إيجازه لم أطلع على معظم معانيه لكون بضاعتي مزجاة. فاستخرت الله تعالى وطلبت منه المعونة أن أضم إليه بعض إيضاح ما وراء الحجاب، مع ضم ما تيسر عقله من قيود يتعين التنبيه عليها للطلاب، مع عجزي وعدم أهليتي لسلوك تلك المسالك. لكن ضرورة كونه لم يشرح فعلت ذلك "طالبًا من الله جميل الأجر وجزيل الثواب".
وسميته "الروض الندي، بشرح كافي المبتدي". والله أسأل أن ينفعني ومن اشتغل به فإنه أكرم من أجاب.
1 / 14
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لمعرفة الحلال والحرام، وأوجب علينا طاعة نبينا محمد سيد الأنام، وندبنا لاتباع شريعته الغراء ومعرفة الأحكام،
ــ
بسم الله الرحمن الرحيم
أي بسم مسمى اللفظ الأعظم الموصوف بكمال الإنعام في الرحمة وبما دون أو بإرادة ذلك أؤلف مستعينًا أو ملابسًا على وجه التبرك. وابتدأ كتابه بها تأسيًا بالكتاب العزيز، وعملًا بقوله ﵇: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر" وفي وراية "بالحمد لله" وجمع بينهما بقوله (الحمد لله) والحمد هو الثناء على الله تعالى بجميل صفاته. وعرفًا فعل ينبيء عن تعظيم المنعم من حيث إنعامه. والشكر لغة هو الحمد عرفًا، واصطلاحًا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه لما خلق لأجله. وبين الحمد والشكر اللغويين عموم وخصوص وجهي، فعموم الحمد أنه لمبدي النعمة وغيره، وخصوصه أن لا يكون إلا باللسان. وعموم الشكر أنه يكون بغير اللسان، وخصوصه أنه لا يكون إلا لمبدأ النعمة. قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
وقيل هما سواء. وقوله (الذي هدانا) أي دلنا وأرشدنا (لمعرفة الحلال) وهو ما قابل الحرام، فيعم الواجب والمندوب والمكروه والمباح. والمباح يطلق على الثلاثة فيقال للواجب والمندوب والمكروه مباح، ويقال لهذه الثلاثة. والمباح حلال، ولكن إطلاق المباح على ما استوى طرفاه هو الأصل (والحرام) وهو ضد الواجب باعتبار تقسيم أحكام التكليف، وفي الحقيقة ضد الحلال وهو ما ذم فاعله ولو قولا وعمل قلب شرعًا (وأوجب علينا طاعة نبينا محمد) ﷺ (سيد الأنام).
والواجب لغة الساقط والثابت، وشرعًا ما ذم تاركه قصدًا مطلقًا. والطاعة موافقة الأمر، والمعصية مخالفته. وكل قربة طاعة ولا عكس. والنبي بلا همز وعليه الأكثر من النبوة وهي الرفعة لأن النبي مرفوع الرتبة، وبالهمز من النبأ أي الخبر لأنه مخبر عن الله تعالى. ومحمد علم منقول من التحميد مشتق من اسمه تعالى الحميد كأحمد. وأسماؤه ﵇ كثيرة. قال بعض الصوفية لله ﷿ ألف إسم، وللنبي ﵇ ألف إسم. والسيد الذي يفوق في الخير قومه، وقيل التقي، وقيل غير ذلك. والأنام الخلق. (وندبنا لاتباع شريعته الغراء ومعرفة الأحكام).
1 / 15
وأباح لنا النظر إلى وجهه المجيد في دار السلام وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان والآثام.
ــ
المندوب تكليف ومأمور به حقيقة فيكون للفور، ولغة المدعو لهم، من الندب وهو الدعاء لأمر مهم، قال الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
وشرعًا ما أثيب فاعله ولو قولًا وعمل قلب ولم يعاقب تاركه مطلقًا. والشريعة الغراء الشريفة.
(فائدة) الأحكام جمع حكم، وهو في اللغة القضاء والحكمة، وفي الإصطلاح مدلول خطاب الشرع، فإن ورد بطلب فعل مع جزم -أي قطع- مقتض للوعيد على الترك فإيجاب نحو (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وإن ورد بطلب فعل ليس معه جزم فندب نحو (وأشهدوا إذا تبايعتم) وإن ورد بطلب ترك مع جزم أي قطع مقتض للوعيد على الفعل فتحريم نحو (لا تأكلوا الربا). وإن ورد بطلب ترك ليس معه جزم فكرتهة كقوله ﵇ (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدًا إلى المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة). وإن ورد بتخيير بين الفعل والترك فإباحة كقوله ﵇ حين سئل عن الوضوء من لحوم الغنم "إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ" وإن لم يرد خطاب الشرع بشيء من هذه الصيغ الخمس وورد بنحو صحة أو فساد أو نصب الشيء سببًا أو مانعًا أو شرطًا أو كون الفعل أداء أو قضاء أو رخصة أو عزيمة سمي خطاب الوضع، ويسمى الأول خطاب التكليف. ولا تتقيد استفادة الأحكام من صريح الأمر والنهي بل تكون بنص أو إجماع أو قياس. والمشكوك ليس بحكم. والوقف مذهب والله أعلم.
(وأباح لنا النظر إلى وجهه المجيد في دار السلام) والمباح لغة المعلن، وشرعًا ما خلا من مدح وذم لذاته وليس مأمورًا به، وتقدم بعض الكلام عليه. والمجيد قيل الشريف وقيل العظيم وقيل المقتدر على الإنعام والفضل. ودار السلام هي الجنة.
(وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان والآثام) والمكروه ضد المندوب ولغة ضد المحبوب، قال الله تعالى (وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) فأخبر ﷿ أنه بغض إلى المؤمن المعصية فلا يتعمدها ولكن يقع فيها غفلة. والمكروه شرعًا ما مدح تاركه ولم يذم فاعله، وهو تكليف ومنهي عنه حقيقة ومطلق الأمر
1 / 16
أحمده حمد مقر له بالوحدانية على الدوام، وأشكره شكر عبد أسدل عليه سوابغ الإنعام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي للتفقه في الدين الخاص والعام ﷺ.
ــ
لا يتناوله. (أحمده) ﷾، أي أثني عليه مرة بعد أخرى بجميل صفاته (حمد مقر له) تعالى (بالوحدانية على الدوام) وعبر بالجملة المضارعية بعد الجملة الإسمية اقتداء به ﵇، ففي خبر مسلم وغيره "إن الحمد لله نحمده ونستعينه" فالأولى تدل على الدوام والثبوت والثانية تدل على التجدد والحدوث. (وأشكره) تعالى (شكر عبد) مصدر مضاف إلى فاعله (أسدل عليه) مولاه بفضله (سوابغ الإنعام) جمع نعمة، قيل هي بمعنى الرحمة، والإنعام الإعطاء من غير مقابلة. (وأشهد أن لا إله) أي لا معبود بحق في الوجود (إلا الله وحده) أي منفردًا (لا شريك له) في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، (ذو) أي صاحب (الجلال والإكرام، وأشهد أن) سيدنا (محمدًا عبده ورسوله) والعبد القائم بحقوق العبودية، قال أبو علي الدقاق: ليس شيء أشرف ولا أتم للمؤمن بالوصف من العبودية، والرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، فهو أخص من النبي (الداعي للتفقه) أي التفهم (في الدين) وهو ما شرعه الله تعالى من الأحكام المتقدمة، فقد دعا عليه لذلك (الخاص والعام) جزاه الله عنا خير ما هو أهله ﷺ الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن غيرهم تضرع ودعاء، وقيل صلاة الله ثناؤه عليه وإرادة إكرامه برفع ذكره ومنزلته وتقريبه، وأن صلاتنا نحن عليه سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به اختاره ابن القيم. والسلام بمعنى التحية أو السلامة من الرذائل والنقائص والأمان.
تتمة: اختلف في وجوب الصلاة عليه ﷺ، أما في الصلاة فالصحيح من المذهب أنها ركن، وأما خارج الصلاة فتستحب بتأكد على الصحيح، وتتأكد عند ذكره ويوم الجمعة وليلتها، وقيل تجب كلما ذكر اسمه، اختاره ابن بطة من الحنابلة وقال به المصنف واختاره أيضًا الحليمي من الشافعية والطحاوي من الحنفية واللخمي من المالكية.
فائدة: تجوز الصلاة على غير الأنبياء منفردًا على الصحيح من المذهب، نص عليه.
1 / 17
وعلى آله وأصحابه السادة الأعلام.
وبعد: فهذا مختصر في الفقه على مذهب إمام الأئمة ومحيي السنة والصابر في المحنة الزاهد الرباني والصديق الثاني أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
ــ
(وعلى آله) أي أتباعه على دينه، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وقيل أقاربه المؤمنون من بني هاشم والمطلب، وقيل أهله (وأصحابه) وهم الذين اجتمعوا به مؤمنين وماتوا على ذلك، وتبطل صحبته وسائر أعماله بردته إن مات عليها. (السادة) جمع سيد وتقدم الكلام عليه (الأعلام) جمع علم بفتحتين وهو في اللغة العلامة أو الجبل، وإطلاقه على الآدمي من المجاز
(وبعد) يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر استحبابًا في الخطب والمكاتبات، لفعله ﵇ وأمره، (فهذا) إشارة إلى ما تصوره في ذهنه وأقامه مقام الموجود بالعيان من الألفاظ الدالة على المعاني (مختصر) أي موجز، وهو ما قل كلامه وكثرت معانيه، قال علي ﵁: خير الكلام ما قل ودل ولم يطل فيمل (في الفقه) وهو لغة الفهم، وعرفًا معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل أو بالقوة القريبة، وقيل الأحكام نفسها. والفقيه من عرف جملة غالبة منها كذلك (على مذهب) مفعل، وهو في الأصل مصدر يصلح لمكان الذهاب وزمانه وللذهاب نفسه، ثم نقل إلى ما قاله الإنسان بدليل ومات قائلا به (إمام الأئمة) أي قدوتهم، (ومحيي) أي ناصر (السنة، والصابر في المحنة، الزاهد الرباني والصديق الثاني أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل) ابن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان -بالياء المثناة- بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب -بكسر الهاء وسكون النون ثم بالموحدة- ابن أفصى بالفاء والصاد المهملة ابن ذهل بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان (الشيباني) ﵁، نسب لجده شيبان المذكور، حملت به أمه بمرو، وولد ببغداد في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة ونشأ بها وأقام بها إلى أن توفي. ودخل مكة والمدينة والشام واليمن والكوفة والبصرة والجزيرة. قال الحافظ ابن عساكر: كان شيخًا شديد السمرة مخضوبًا بالحناء وقيل ربعة. سمع سفيان بن عيينة وإبراهيم ابن سعد ويحيى القطان وهشيمًا ووكيعًا وخلائق كثيرين، وروى عنه عبد الرزاق
1 / 18
سقى الله ضريحه صوب الرحمة والغفران، وحشره مع المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء في دار الأمان،
ــ
ويحيى بن آدم وأبو الوليد والبخاري ومسلم وأبو داود وأبو زرعة الرازي الدمشقي وخلائق كثيرون، وعن الشافعي ﵁ قال: خرجت من بغداد وما خلفت فيها أحدًا أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل. وعن الربيع بن سليمان قال قال لنا الشافعي: أحمد إمام في ثمان خصال، إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في القرآن، إمام في الفقراء، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة، وعن عبد الوهاب الوراق قال: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل. قالوا له: وأي شيء بان لك من فضله وعمله على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة فأجاب فيها بأن قال حدثنا وأخبرنا، وعن علي بن المديني أنه قال: إن سيدي أحمد بن حنبل أمرني أن لا أحدث إلا من كتاب. وروي عنه أيضًا أنه قال: إن الله ﷿ أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث، أبو بكر الصديق يوم الردة وأحمد بن حنبل يوم المحنة. وعن إسحاق بن راهويه أنه قال: أحمد بن حنبل حجة بين الله وبين عبيده في أرضه. وقال أيضًا: لولا أحمد بن حنبل وبذله نفسه لما بذلها له لذهب الإسلام. وعن بشر بن الحارث أنه قيل له حين ضرب أحمد بن حنبل: يا أبا نصر لو أنك خرجت فقلت إني على قول أحمد بن حنبل، فقال بشر: أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء؟ إن أحمد بن حنبل قام مقام الأنبياء. وكان أعلم أهل زمانه، وقد صنف في مناقبه من المتقدمين والمتأخرين جماعة كابن منده والبيهقي وشيخ الإسلام الأنصاري وابن الجوزي وابن ناصر وغيرهم، اشتهرت مناقبه وسيادته وبراعته وزهادته، ومجموع محاسنه كالشمس، إلا أنها لا تغرب، (سقى الله ضريحه صوب) أي غيث (الرحمة والغفران، وحشره مع المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء في دار الأمان). صنف المسند: ثلاثون ألف حديث، والتفسير مائة وخمسون ألفًا، وقال في المطلع: مائة ألف وعشرون ألفًا، والناسخ والمنسوخ، والتاريخ، وحديث شعبة، والمقدم والمؤخر في القرآن، وجوابات القرآن، والمناسك الكبير والصغير وأشياء أخر، وليس هذا بيان مناقبه.
قال القاضي أبو يعلى: إنما اخترنا مذهب أحمد على مذهب غيره من الأئمة - ومنهم من هو أسن منه وأقدم هجرة مثل مالك وسفيان وأبي حنيفة لموافقته الكتاب والسنة والقياس الجلي، فإنه كان إمامًا في القرآن وله فيه التفسير العظيم، وجوابات
1 / 19
اجتهدت في تحريره واختصاره وتهذيبه وإيضاحه، مؤملًا من الله جزيل الثواب، وأن يحشرني في زمرة نبيه محمد سيد الأحباب. واقتصرت فيه على قول واحد، وهو ما اعتمده وصححه معظم الأصحاب، وما عليه الفتوى عند الأئمة المحققين الأنجاب، وسميته "كافي المبتدي من الطلاب"، لأنه بمعونة الملك الوهاب، اشتمل على ما يغني عن التطويل والإطناب. والله أسأل أن ينفع به إنه النافع لمن اتقى وأناب. وما توفيقي إلا بالله
ــ
القرآن، وكتب من علم العربية ما اطلع به على كثير معاني كلام الله ﷿. وتوفي ببغداد يوم الجمعة لنحو ساعتين من النهار لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين، والمشهور من ربيع الآخر، وله سبع وسبعون سنة، وأسلم يوم موته عشرون ألفًا من اليهود والنصارى والمجوس، وفضائله كثيرة ومناقبه شهيرة.
(اجتهدت) الاجتهاد في الاصطلاح استفراغ الفقيه وسعه لدرك حكم شرعي، أي بذلت وسعي (في) تنقيح هذا المختصر و(تحريره) أي تهذيب مسائله (واختصاره) بعدم تطويله (وتهذيبه) وإيجازه (وإيضاحه. مؤملًا) أي راجيا (من الله) تعالى (جزيل الثواب و) مؤملًا (أن يحشرني) في (زمرة نبيه محمد) ﷺ (سيد الأحباب. واقتصرت فيه) أي هذا المختصر (على قول واحد) من غير تعرض للخلاف طلبًا للاختصار، وكذلك صنعت في شرحه غاية (و) القول الواحد (هو ما اعتمده وصححه) ورجحه (جل) أي معظم (الأصحاب) من أئمة المذهب، منهم العلامة القاضي علاء الدين المرداوي. واقتصرت فيه على قول (و) هو (ما عليه الفتوى عند الأئمة) المقتدى بهم (المحققين الأنجاب. وسميته) أي هذا المختصر (كافي المبتدي من الطلاب) لمسائل الفقه (لأنه) أي هذا المختصر (بمعونة الملك) الذي تنفذ مشيئته في ملكه وتجري فيه الأمور على ما يشاء (الوهاب) العاطي بلا عوض، (اشتمل) هذا المختصر (على ما يغني عن التطويل والإطناب) ضد الاختصار، (والله أسأل) أي لا غيره، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر: ومن ذلك قوله تعالى -إياك نعبد وإياك نستعين- أي نخصك بالعبادة والاستعانة، وكذا هنا خصه تعالى وطلب منه (أن ينفع به) أي هذا المختصر طالب الاستعانة (إنه) تعالى (النافع لمن اتقا) هـ (وأناب) إليه.
(وما توفيقي) والتوفيق خلق القدرة على الطاعة في العبد والداعية إليها (إلا بالله
1 / 20
عليه توكلت وإليه متاب
كتاب الطهارة
وهي ارتفاع حدث وما في معناه، وزوال خبث، أو ارتفاع حكم ذلك
باب المياه على ثلاثة أقسام: (الأول) طهور يرفع الحدث ويزيل الخبث الطارئ، وهو أربعة أنواع: نوع غير مكروه وهو الباقي على خلقته
ــ
عليه توكلت) أي فوضت أمري إليه تعالى دون ما سواه (وإليه متاب) أي توبتي، وتاب الله عليه وفقه للتوبة.
مقدمة: لم يؤلف الإمام أحمد رحمه الله تعالى في الفقه كتابًا، وإنما أخذ أصحابه مذهبه من أقواله وأفعاله وأجوبته وغير ذلك.
هذا (كتاب) يذكر فيه أحكام (الطهارة) وما في معناها، والكتاب كالكتابة والكتب مصدر كتب بمعنى الجمع، يقال تكتب القوم إذا اجتمعوا، ومنه الكتابة لاجتماع الحروف، والطهارة لغة النظافة والنزاهة عن الأقذار (وهي) شرعًا (ارتفاع الحدث)، وهو وصف حاصل بالحدث مانع من الصلاة والطواف ومس المصحف، وينقسم إلى أصغر وأكبر، فما أوجب الغسل يسمى أكبر، وما أوجب الوضوء يسمى أصغر، (وما في معناه) أي معنى ارتفاع الحدث كالغسل للميت لأنه تعبدي لا عن حدث، وكذا غسل يدي القائم من نوم الليل بماء طهور مباح، (وزوال خبث) به ولو لم يبح أو مع تراب طهور ونحوه أو بنفسه (أو ارتفاع حكم ذلك) بما يقوم مقامه، والخبث النجاسة الطارئة على محل طاهر.
(باب. والمياه على ثلاثة أقسام) لأن الماء إما أن يجوز الوضوء به أولًا، الأول الطهور، والثاني إما أن يجوز شربه أو لا، الأول الطاهر، والثاني النجس.
(الأول) من أقسام الماء (طهور) أي مطهر لغيره بخلاف غيره من المانعات فإنه لا يطهر (يرفع الحدث) أي الوصف كما تقدم، (ويزيل الخبث الطارئ) على محل طاهر قبل طروئه لأن نجس العين لا يطهر، (وهو) أي الماء الطهور (أربعة أنواع): الأول (نوع) طهور (غير مكروه وهو الباقي على خلقته) التي
1 / 21
ومنه متغير بمكثه أو بمجاورة ميتة أو بما يشق صونه عنه ما لم يوضع قصدًا، ومسخن بشمس أو بطاهر، ونوع مكروه بلا حاجة كمتغير بغير ممازج من عود قمارى وغيره أو بدهن أو ملح مائي، وكمسخن بنجس، ويسير مستعمل في نقل طهارة، وماء بئر بمقبرة، وفي خبث ماء زمزم ونوع لا يرفع حدث رجل خنثى ويزيل الخبث وهو يسير خلت به مكلفة لطهارة كاملة عن حدث.
ــ
خلقه الله تعالى عليها، ولو تصاعد ثم قطر كبخار الحمامات، (ومنه) أي الطهور غير مكروه، (متغير) طول (مكثه أو) بالريح (بـ) نحو (مجاورة ميتة) كمحل القاذورات (أو) أي ومن الطهور متغير (بما) أي بشيء (يشق صونه) أي الماء (عنه) أي عن ذلك الشيء كورق الشجر (ما لم يوضع) الذي يشق صونه عنه (قصدًا) فإنه يسلبه الطهورية. (و) من الطهور غير مكروه (مسخن بشمس أو) مسخن (بطاهر. و) الثاني (نوع مكروه بلا حاجة) إلى استعماله (كمتغير بغير ممازج من عود قمارى) بفتح القاف (وغيره) كقطع كافور (أو) متغير (بدهن أو ملح مائي) فهو طهور مكروه لأن المتغير بالملح المائي منعقد من المائي واقتضى ذلك أن الملح لو انعقد من طاهر فحكمه كباقي الطاهرات، وعلم منه أن الماء إن تغير بالملح المعدني سلبه الطهورية. (وكمسخن بنجس) في أشهر الروايتين عن أحمد، علته كون الوقود نجسًا فيكره، وإن كان الماء كثيرًا أو وهم ملاقاتها له فلا يكره إن كان كثيرً أو قليلًا وتحقق عدم وصولها إليه، ومقتضاه الأول حيث أطلق كراهته وكذا مسخن بمغصوب (و) كـ (يسير مستعمل في نقل طهارة) أو استعمل في غسل كافر؛ لأنه لم يرفع حدثًا ولم يزل نجسًا وشمل الذمية التي تغتسل من الحيض والنفاس لحل وطئها لزوجها المسلم (و) كـ (ماء بئر مقبرة)، وكره أيضًا ما اشتد حره أو برده (و) كره (في خبث) فقط (ماء زمزم) على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل ماء زمزم في رفع حدث أيضًا. (و) الثالث (نوع لا يرفع حدث رحل وخنثى) ويرفع حدث الأنثى (ويزيل الخبث) الطارئ (وهو) ماء (يسير خلت به) امرأة (مكلفة لطهارة كاملة عن حدث) لا عن خبث ولا عن طهر مستحب، والمراد بالخلوة أن لا يشاهدها مميز سواء كان حرًا أو عبدًا أو مبعضًا أو رجلًا أو امرأة أو مسلمًا أو كافرًا.
تنبيه: علم مما سبق أنه لا أثر لخلواتها بالتراب، ولا في منعها من استعماله، ولا منع امرأة أخرى ولا صبي من الطهارة به ولا بماء في غير رفع الحدث على الصحيح
1 / 22
ونوع لا يرفع الحدث مطلقًا بل يزيل الخبث الطارئ مع تحريمه، وهو المغصوب، وماء آبار ثمود غير بئر الناقة.
(الثاني) طاهر لا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث ويستعمل في غيرهما كماء ورد، وطهور تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه بطاهر أو طبخ أو رفع بقليله حدث أو انفصل عن محل نجس حكم بطهارته غير متغير أو حصل في كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء بنية أو غيرها، لكن يجب أن يستعمل ذا، وما خلت به أولى منه إن عدم غيرهما، ثم يتيمم.
ــ
من المذهب. (و) الرابع (نوع لا يرفع الحدث مطلقًا) أي سواء وجد غيره أولًا، وسواء كان قليلًا أو كثيرًا وهو الماء المغصوب، وحدث الرجل والخنثى والأنثى في ذلك سواء (بل يزيل الخبث الطارئ مع تحريمه وهو) الماء (المغصوب، وماء آبار ثمود غير بئر الناقة).
فائدة: فياس ما يأتي في الصلاة في المغصوب إذا كان عالمًا ذاكرًا لا إن كان جاهلًا وناسيًا، وكذا الحج بمال مغصوب، بخلاف الوضوء والغسل والصوم ونحوه في مكان مغصوب فيصح كالأذان والبيع ونحوه فيه.
(الثاني) من أقسام المياه (طاهر) غير مطهر (لا يرفع الحدث ولا يزل الخبث ويستعمل في غيرهما) أي غير رفع الحدث وزوال الخبث (كماء ورد و) ك (طهور تغير كثير) لا يسير (من لونه أو طعمه أو ريحه) مخالطة شيء (طاهر أو) بـ (طبخ) فيه كماء الباقلاء أو بغيره كما لو سقط فيه زعفران بقصد أو غيره، ولا يسلبه التغير اليسير من صفة واحدة بخلاف ما لو كان التغير من صفتين أو ثلاث (أو رفع بقليله حدث) فإنه يسلبه الطهورية (أو انفصل عن محل نجس حكم بطهارته) وكان (غير متغير أو حصل في كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء بنية أو غيرها) أو حصل في بعضها بنية ولو بانت مكتوفة أو بحراب ونحوه قبل غسلها ثلاثًا بنية وتسمية وذلك واجب (لكن يجب أن يستعمل ذا) أي الذي حصل في كل يد إلى آخره إن لم يوجد غيره ثم يتيمم، (وما خلت به) المرأة (أولى منه) بالاستعمال لبقاء طهوريته (إن عدم) طهور (غيرهما) أي غير الماء الذي حصل في كل يد إلى آخره والذي خلت به المرأة فيستعمله (ثم يتيمم) وجوبًا، فإن ترك استعمال أحدهما أو التيمم بلا عذر أعاد ما صلى به
1 / 23
(الثالث) نجس يحرم استعماله مطلقًا إلا لضرورة كغصة ونحوها، وهو ما تغير بنجاسة في غير محل تطهير أو لاقاها في غيره، وهو يسير، أو انفصل عن محل نجس لم يطهر، فإن لم يتغير بها الكثير لم ينجس إلا ببول آدمي أو عذرته المائعة ما لم يكن مما يشقى نزحه كمصانع طريق مكة، وحكم جار كراكد.
ــ
فائدة: إن خلط الماء الطهور بتراب لا يسلب الماء الطهورية، فإن صار طينًا منع من التطهير به، فإن صلى جاز التطهير به.
(الثالث): من أقسام المياه (نجس يحرم استعماله مطلقًا) أي في عبادة وغيرها. سواء وجد غيره أو لا، واستثنى من ذلك بقوله (إلا لضرورة كغصة) لقمة (ونحوها) كعطش معصوم من آدمي أو بهيمة تؤكل أولًا أو طفي حريق متلف وليس عنده طهور ولا طاهر، ويجوز بل التراب به ويطين به ما لا يصلى عليه غير المسجد (وهو) أي الماء النجس (ما تغير بنجاسة في غير محل تطهير) وفي محله طهور إن كان واردًا أو لم يتغير منه فطهور إن كان كثيرًا (أو) كان الماء (لاقاها) أي النجاسة (في غيره) أي غير محل التطهير (وهو يسير) ولو جاريًا (أو انفصل عن محل نجس لم يطهر)، فإن كان طهر فهو طاهر إن انفصل غير متغير (فإن لم يتغير بها) أي النجاسة الماء (الكثير لم ينجس إلا ببول آدمي أو عذرته المائعة) أو الرطبة أو اليابسة ذابت عند أكثر المتقدمين والمتوسطين (ما لم يكن) الماء الكثير الذي تنجس بالبول أو العذرة (مما يشق نزحه كمصانع طريق مكة) التي جعلت موردًا للحاج يصدرون عنها ولا تنفذ فلا تنجس إلا بالتغير، فما تنجس بما ذكر ولم يتغير فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه أو بنزح يبقى بعده ما يشق نزحه، وإن لم يشق نزحه فبإضافة ما يشق نزحه مع زوال تغيره، وما تنجس بغير م ذكر ولم يتغير فبإضافة كثير أو بنزح يبقى بعده كثير، وإن لم يكن كثيرًا أو كان كثيرًا مجتمعًا من متنجس يسير فبإضافة كثير مع زوال تغيره، والمنزوح طهور إن لم يكن متغيرًا أو تكن عين النجاسة فيه وكان قلتين. (وحكم) ماء (جار كراكد) فإن بلغ مجموعة قلتين دفع النجاسة ما لم يتغير فلا اعتبار بالحرية على الأصح.
1 / 24
والكثير قلتان، واليسير ما دونهما، وهما خمسمائة رطل عراقي تقريبًا، ومائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل بالدمشقي، وأحد وسبعون رطلًا وثلاثة أسباع رطل بالبعلي، ومساحتهما مربعًا ذراع وربع طولًا وعرضًا وعمقًا ومدؤرًا ذراع طولًا وذراعان ونصف عمقًا، فإن زال تغير نجس كثير بنفسه طهر، أو أضيف إليه ماء طهور كثير وزال التغير، أو نزح منه فبقي بعد كثير غير متغير طهر، وغير الماء من المائعات ينجس بأقل نجاسة مطلقًا، ويعمل بيقين في كثرة ماء وقلته وطهارته ونجاسته، ولو اشتبه طهور مباح بمحرم أو نجس تيمم وجوبًا لا تحر
ــ
فائدة: لا يجب غسل جوانب بئر نزحت. (والكثير قلتان) فصاعدًا (واليسير ما دونهما. وهما) أي القلتان (خمسمائة رطل عراقي تقريبًا) فيعفى عن نقص يسير كرطل أو رطلين. وأربعمائة رطل وستة وأربعون رطلًا وثلاثة أسباع رطل مصري وما وافقه من البلدان، (ومائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل بالدمشقي) وما وافقه، وتسعة وثمانون رطلًا وسبعًا رطل حلبي وما وافقه، وثمانون رطلًا وسبعًا رطل ونصف سبع رطل قدسي وما وافقه، (وأحد وسبعون رطلًا وثلاثة أسباع رطل بالبعلي) وما وافقه، (ومساحتهما مربعًا ذراع وربع طولا و) ذراع وربع (عرضًا و) ذراع وربع (عمقًا. و) حال كونه مدورًا ذراع طولًا وذراعان ونصف عمقًا)، والمراد ذراع اليد من آدمي معتدل وهو أربع وعشرون إصبعًا معترضة معتدلة، والإصبع ست شعيرات بطون بعضها إلى بعض، والشعيرة ست شعرات برذون ويأتي (فإن زال تغير نجس كثير بنفسه طهر، أو أضيف إليه ماء طهور كثير وزال التغير) طهر (أو نزح منه فبقي بعده) (كثير غير متغير طهر) وتقدم مفصلًا. (وغير الماء من المانعات ينجس بأقل نجاسة مطلقًا) أي سواء تغير بها أو لا أدركها طرف أو لا عفى عنها في الصلاة أو لا. (ويعمل بيقين في كثرة ماء وقلته وطهارته ونجاسته) فإن وقعت فيه نجاسة وشك في كثرته فهو نجس عملًا بالأصل، وإن شك في نجاسة عظم أو في روث فطاهر أو في جفاف نجاسة فيحكم بعدم الجفاف أو في ولوغ كلب أدخل رأسه في إناه وبفيه رطوبة فلا ينجس (ولو اشتبه) ماء (طهور مباح) ماء (محرم أو نجس تيمم وجوبًا بلا تحر) والتحري طلب ما هو أحرى في غالب ظنه أي أحق ولو
1 / 25
ولا إعدام، أو بطاهر توضأ مرة من ذا غرفة ومن ذا غرفة، وصلى صلاة واحدة، أو ثياب طاهرة مباحة بنجسة أو محرمة صلى في كل ثوب صلاة بعدد النجسة أو المحرمة وزاد صلاة، ويلزم من علم نجاسة شيء إعلام من أراد استعماله.
(فصل) ويحرم اتخاذ واستعمال إناء ذهب أو فضة ومضبب بهما على ذكر وأنثى مطلقًا، وتصح الطهارة منه، وتباح ضبة يسيرة من فضة لحاجة، وتكره مباشرتها بلا حاجة، وكل إناء طاهر غير ذلك
ــ
زاد عدد المباح الطهور، (و) يتيمم أيضًا بـ (لا إعدام) لهما ووجب عليه الكف عنهما كما لو اشتبهت أخته بأجنبية، لكن إن أمكن تطهير أحدهما بالآخر بأن يكون الطهور قلتين فأكثر وكان عنده إناء يسعهما لزمه الخلط ويلزمه التحري لحاجة شرب وأكل لا غسل فمه (أو) أي وإن اشتبه طهور (بطاهر توضأ مرة من ذا غرفة ومن ذا غرفة وصلى صلاة واحدة، أو) أي اشتبهت (ثياب طاهرة مباحة بـ) ثياب (نجسة أو محرمة صلى في كل ثوب صلاة بعدد) الثياب (النجسة أو المحرمة وزاد صلاة) إن علم عدد نجسة أو محرمة وإلا فحتى يتيقن صحتها. وكذا أمكنه ضيقة، (ويلزم من علم نجاسة شيء إعلام من أراد استعماله)، وظاهره في طهارة غيرها، وسواء كانت إزالتها شرطًا لصلاة أم لا موافقًا له في المذهب أم لا.
(فصل): الفصل الحاجز بين الشيئين، ومنه فصل الربع يحجز بين الشتاء والصيف، وهو في كتب العلم كذلك؛ لأنه حاجز بين المسائل وأنواعها قاله في المطلع.
(ويحرم اتخاذ واستعمال إناء ذهب أو فضة و) إناء (مضبب بهما) أو بأحدهما ومموه ومطلي ومطعم، ومكفت كمصمت، (على ذكر وأنثى) وخنثى (مطلقًا) أي في وضوء وغسل وغيرهما، وكذا إناء مغصوب أو ثمنه المعين حرام، (وتصح الطهارة منه) وبه وفيه وإليه. (ونباح ضبة) بشروط أربعة أشار للأول منها بقوله ضبة احترز عما لو وضع الفضة عليه لغيرهما كالمطعم، والثاني قوله (يسيرة) والثالث قوله (من فضة) والرابع قوله (لحاجة) وهي أن يتعلق بها غرض غير زينة ولو وجد غيرها، (وتكره مباشرتها) أي ضبة الفضة المباحة (بلا حاجة) إلى مباشرتها. (وكل إناء طاهر غير ذلك) المذكور من الذهب والفضة والمضبب
1 / 26
مباح ولو ثمينًا إلا جلد آدمي وعظمه وما لم تعلم نجاسته من آنية كفار وثيابهم مباح مطلقًا، وجلد الميتة النجسة نجس ولو دبغ، ويحل استعماله بعده في يابس إذا كان من حيوان طاهر في الحياة، ولبنها وكل أجزائها نجسة غير شعر ونحوه، وبيضها إن صلب قشره طاهر، والمنفصل من حي كميتته.
(فصل) والاستنجاء واجب من كل خارج إلا الريح
ــ
بهما (مباح ولو) كان ثمينًا كجوهر وياقوت وزمرد (إلا جلد آدمي و) إلا (عظمه) حتى الميل ونحوه فإنه يحرم اتخاذه واستعماله (وما) مبتدأ (لم تعلم نجاسته من) نحو (آنية كفار و) ما لم تعلم نجاسته من (ثيابهم مباح) خبر ما، وقوله (مطلقًا) أي سواء وليت عوراتهم كالسروال أو لا كالعمامة. (وجلد الميتة النجسة) بعد الموت (نجس) حتى (ولو دبغ، ويحل استعماله بعده) أي الدبغ (في يابس إذا كان من حيوان طاهر في الحياة، ولبنها) أي الميتة (وكل أجزائها) كالعظم والقرن والظفر ونحوها (نجسة غير شعر ونحوه) كالصوف والريش إذا كان من ميتة طاهرة في الحياة فإنه لا ينجس بالموت، والأصل في ذلك قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾ [النحل: ٨٠]، والآية في سياق الامتنان فالظاهر شمولها لحالتي الحياة والموت، والريش مقيس على الثلاثة، (وبيضها) أي الميتة (إن صلب قشره طاهر. والمنفصل من) حيوان (حي) كقرن والية فهو (كميتته)، وعظم سمك ونحوه والجراد والسمك وفأرته ودود القز ودود الطعام ولعاب الأطفال وما سال من فم عند نوم طاهر، ويسن تخمير آنية وإيكاء أسقية.
(فصل): يذكر فيه المؤلف رحمه الله تعالى حكم الاستنجاء وآداب التخلي. (والاستنجاء) إزالة النجو وهو العذرة، وأكثر ما يستعمل في إزالته بالماء وقد يستعمل بالأحجار في إزالته، وقيل أصل الاستنجاء نزع الشيء من موضعه وتخليصه، وقيل من النجو وهو القطع يقال نجوت الشجرة وأنجيتها إذا قطعتها فكأنه قطع الأذى عنه باستعمال الماء، وهو (واجب من كل خارج) من سبيل ولو نادرًا كالدود (إلا الريح) لقول النبي ﷺ: «من استنجى من الريح فليس منا»
1 / 27
والطاهر وغير الملوث، وهو من شروط الوضوء والتيمم، وسن عند دخول خلاء قول: «بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»، وبعد خروجه من: «غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني». وتغطية رأس وانتعال وتقديم الرجل اليسرى دخولًا والاعتماد عليها حال الجلوس، واليمنى خروجًا عكس مسجد ونعل ونحوهما، وبعد في فضاء، وطلب مكان رخو لبول، ومسح الذكر بيد
ــ
وإلا (الطاهر) كالمني (و) إلا (غير الملوث) كالحصى والبعر الناشف، (وهو) أي الاستنجاء (من شروط الوضوء والتيمم. وسن عند دخول خلاء) بالمد وهو المكان الذي أعد لقضاء الحاجة سمي بذلك لكونه يتخلى فيه أي ينفرد، ويقال له أيضًا الكنيف لاستتار فيه، وكل ما ستر من بناء وغيره يقال له كنيف، سن (قول) داخله (بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) الرجس النجس الشيطان الرجيم، والخبث بضم الخاء والباء كرغيف ورغف وهو الذكر من الشيطان والخبائث وجمع خبيثة وهي الأنثى منهم، وقيل الخبث الكفر والخبائث الشياطين، وقيل الخبث بإسكان الباء الشر والخبائث الشياطين. وقدم التسمية للتبرك، وإنما قدم التعوذ في القراءة على البسملة؛ لأنها من القرآن والاستعاذة من أجل القراءة. (و) سن قوله (بعد خروجه منه) أي الخلاء: (غفرانك) منصوب مفعول به للفعل المحذوف أي أسألك غفرانك أي اغفر لي تقصيري في شكر ما أنعمت به علي من الرزق ولذته والانتفاع به وتسهيل خروجه، وقيل من ترك الذكر مدة التخلي، ويجوز أن يكون منصوبًا على المصدر أي اغفر غفرانك (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني. و) سن لداخل خلاء (تغطية رأسه) (وانتقال) برجله، (و) سن له (تقديم الرجل اليسرى دخولًا والاعتماد عليها) أي اليسرى (حال الجلوس) وينصب اليمنى، (و) سن تقديم (اليمنى خروجًا عكس مسجد ونعل ونحوهما) كالمنزل والحمام أي إذا أراد دخول محل شريف قدم اليمنى، وإذا أراد دخول محل قذر قدم اليسر. (و) يسن لمريد قضاء الحاجة (بعده) (في فضاء) حتى لا يراه أحد، وسن استتاره. (و) سن له أيضًا (طلب مكان رخو لبول)، ويقصد مكانًا علوًا لينحدر عنه البول، وسن لصق ذكره بصلب ليأمن من رشاش البول، (و) سن (مسح الذكر بيده)
1 / 28
يسري إذا انقطع البول من أصله إلى رأس ثلاثًا، ونره ثلاثًا، وكره دخول خلاء بما فيه ذكر الله، وكلام فيه لغير حاجة، ورفع ثوب قبل دنو من الأرض، وبول في شق ونحوه، ومس فرجه بيمينه حتى باستنجاء أو استجمار إلا لحاجة،
ــ
ال (يسرى إذا انقطع البول من أصله) أي الذكر فيبدأ من حلقة دبره (إلى رأس) ذكره (ثلاثًا) لينجذب البول، (و) سن (نتره) أي ذكر (ثلاثًا) نصًا لقوله ﵇: «إذا بال أحدك فلينتر ذكره ثلاثًا» رواه أحمد وأبو داود، وذكر بعضهم ويتنحنح زاد بعضهم ويمشي خطوات، وقال الشيخ كله بدعة. (وكره دخول خلاء بما) أي بشيء (فيه ذكر) اسم (الله) تعالى لحديث أنس «كان رسول ﷺ إذا دخل الخلاء نزع خاتمه» رواه الخمسة إلا أحمد، وتعظيمًا لاسم الله عن موضع القاذورات إذا كان لغير حاجة بأن لم يجد من يحفظه وخاف ضياعه، وجزم بعضهم بتحريمه بمصحف، قال في الإنصاف: لا شك في تحريمه قطعًا من غير حاجة ولا يتوقف في هذا عاقل انتهى، ولا يكره أن يصحب ما فيه دراهم ودنانير فيها اسم الله تعالى لمشقة التحرز. (و) كره (كلام فيه) أي الخلاء (لغير حاجة)، ويجب تحذير نحو ضرير وغافل عن هلكة (و) كره (رفع ثوبه) (قبل دنوه) من الأرض لغير حاجة (و) كره (بوله) (في شق ونحوه) كسرب، وروى أن سعد بن عبادة بال بحجر بالشام ثم استلقى ميتًا، فسمع من بئر بالمدينة:
(نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ... ورميناه بسهمين فلم نحط فؤاده)
فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعد، ولئلا تخرج منه دابة فتؤذيه أو ترده عليه فتنجسه، وكره بوله في إناء بلا حاجة نصًا ونار ورماد، (و) كره (مس فرجه بيمينه حتى باستنجاء أو استجمار إلا لحاجة) إلى مسه باليمين، قال في المنتهى وشرحه، فإن كان من غائط أخذ الحجر بيساره فمسح به أو بول أمسك ذكره بيساره فمسحه على الحجر ونحوه، فإن احتاج إلى يمينه كصغر حجر تعذر وضعه بين عقبيه- تثنية عقب ككتف: مؤخر القدم- أو تعذر وضعه بين إصبعيه أي إبهامي رجليه، فيأخذه أي الحجر بها أي بيمينه ويمسح بشماله فتكون
1 / 29
واستقبال النيرين، وحرم استقبال قبلة واستدبارها في غير بنيان، ولبثه فوق الحاجة، وبول في طريق مسلوك ونحوه وتحت شجرة مثمرة ثمرًا مقصودًا، وسن استجمار ثم استنجاء بماء وإن اقتصر على أحدهما جاز وعلى الماء أفضل، وبداءة ذكر وبكر بقبل وتخير ثيب، ولا يصح استجمار إلا بطاهر ناشف مباح منق،
ــ
اليسرى هي المتحركة فإن كان أقطع اليسرى أو بها مرض استجمر بيمينه انتهى، وكره بوله في مستحم غير مقير أو مبلط، (و) كره (استقبال النيرين) أي الشمس والقمر في بول وغائط بلا حائل لما فيهما من نور الله تعالى، وكره استقبال مهب الريح، ولا يكره البول قائمًا ولا لغير حاجة إن أمن تلوثًا وناظرًا، ولا التوجه إلى بيت المقدس. (وحرم استقبال قبلة) في غير بنيان (و) حرم (استدبارها) أي القبلة (في غير بنيان) بل في الصحراء لقوله ﷺ: «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا» رواه الشيخان، ويجوز في البينان جمعًا بين الأخبار، (و) حرم (لبثه فوق) قدر (الحاجة) لأنه كشف عورة بلا حاجة، وقد قيل إنه يدمي الكبد ويورث الباسور، وحرم تغوطه بماء قليل وبوله وتغوطه بموردة، (و) حرم (بوله) وتغوطه (في طريق مسلوك ونحوه) كالظل النافع لحديث معاذ: «اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد، وقارعة الطرق والظل» رواه أبو داود وابن ماجة، ومثل الظل مشمس الناس زمن الشتاء ومتحدثهم. (و) حرم بوله وتغوطه (تحت شجرة مثمرة ثمرًا مقصودًا) يؤكل أو لأنه يفسده وتعافه النفس، وحرم بوله وتغوطه بين قبور المسلمين وعليها، (وسن استجمار) بحجر ونحوه (ثم استنجاء بماء) فإن عكس كره (وإن اقتصر على أحدهما) أي الحجر أو الماء (جاز، و) إن أراد الاقتصار (على) أحدهما، فالماء وحده (أفضل) من الحجر وحده كما أن جمعها أفضل لأن الماء يطهر المحل وأبلغ في التنظيف (و) سن (بداءة ذكر) إذا بال وتغوط في استنجاء بقبل لئلا تتلوث يده إذا بدأ بالدبر؛ لأن ذكره بارز، (و) سن أيضًا بدأة (بكر) كذلك (بقبل) لوجود عذرتها (وتخير ثيب) في البدأة بما شاءت لتساوي القبل والدبر، وسن تحول من يخشى تلوثًا ليستنجي أو يستجمر (ولا يصح استجمار إلا بطاهر ناشف مباح منق) كالحجر والخشب، والإنقاء بأحجار ونحوها أن يبقى
1 / 30
وحرم بروث وعظم وطعام وذي حرمة ومتصل بحيوان، وشرط له عدم تعدي خارج موضع العادة، وثلاث مسحات منقية فأكثر، ومتى جاوز الثلاث سن قطع على وتر.
(فصل) يسن السواك بعود لين رطب منق غير مضر كل وقت إلا لصائم بعد الزوال فيكره، ويتأكد عند صلاة ونحوها وانتباه وتغير فم ونحوه.
ــ
أثر لا يزيله إلا الماء وبما عود خشونة المحل كما كان قبل خروج الخارج، ويواصل صب الماء ويسترخي قليلًا (وحرم) استجمار (بروث وعظم وطعام) مطلقًا (وذي حرمة) ككتب حديث وفقه (ومتصل بحيوان) وجلد سمك (وشرط له) أي الاستجمار (عدم تعدي خارج موضع العادة) فإن استجمر بما نهى عنه الشارع لحرمته أو تعدي خارج موضع العادة لم يجزئه بعد ذلك إلا الماء. (و) شرط الاستجمار بحجر (ثلاث مسحات منقية فأكثر) تعم كل مسحة المحل وهو المسربة والصفحتان لما تقدم، (ومتى جاوز الثلاث) مسحات بأن لم ينق بها زاد حتى ينقى، و(سن قطع على وتر) وإذا أتى بالعدد المعتبر اكتفى من زوال النجاسة بغلبة الظن، وأثر الاستجمار نجس يعفى عن يسيره في محله.
(فصل: يسن السواك) أي التسوك مصدر تسوك إذا دلك فمه بالعود والسواك بمعناه يستاك به (بعود لين) فشمل الحديث واليابس المندى (رطب) أي حديث إن كان (منق) للفم ولا يجرحه (غير مضر) كالريحان (كل وقت) متعلق بيسن أي في كل وقت من الأوقات (إلا لصائم بعد الزوال) أي ميل الشمس عند كبد السماء (فيكره) السواك إذن برطب ويابس لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» متفق عليه، وهو إنما يظهر غالبًا بعد الزوال، ويباح قبله برطب وبيابس يستحب. (ويتأكد) السواك (عند) كل وضوء و(صلاة ونحوها) كدخول منزل الظاهر أنه يدخل الطواف وسجود الشكر والتلاوة بخلاف ما نقله شيخنا التغلبي عن المبدع فراجعه. (و) يتأكد عند (انتباه) من نوم لحديث أحمد عن عائشة: «كان النبي ﷺ لا يرقد من ليل أو نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ». (و) يتأكد أيضًا عند (تغير) رائحة (فم) بأكل أو غيره (ونحوه) كخلو المعدة، ويتأكد أيضًا عند قراءة ودخول
1 / 31
وسن كونه عرضًا بالنسبة إلى الأسنان وبدأة بالأيمن فيه وفي طهوره وشأنه كله، وادهان غبا، واكتحال في كل عين ثلاثًا، ونظر في مرآة، وتطيب، واستحداد، وحف شارب، وتقليم ظفر، ونتف إبط، وتسريح شعر، وإعفاء لحية، وكره قزع، ونتف شيب، وثقب أذن صبي، وتسوك بعود آس ورمان، وزكي الرائحة وطرفاء وقصب ونحوه.
ــ
مسجد وإطالة سكون وصفرة أسنان، (وسن) كونه (عرضًا بالنسبة إلى الأسنان) طولًا بالنسبة إلى الفم وكونه ييسراه على لسانه ولثة وأسنان، (و) سن (بدأة) الجانب (الأيمن) من فم (فيه) أي السواك، (و) بدأة بالأيمن (في طهوره و) في (شأنه كله) كترجل ونحوه. تذنيب: من استاك بغير عود لم يصب السنة. (و) سن (ادهان غبا) أي يومًا ويومًا، (و) سن (اكتحال) بأثمد مطيب كل ليلة (في كل عين ثلاثًا) قبل نوم، (و) سن (نظر في مرآة) وقوله: اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي وحرم وجهي على النار. (و) سن (تطيب) لرجل بما خفى لونه وظهر ريحه، وللمرأة في غير بيتها بعكسه، (و) سن (استحداد) أي حلق العانة، وله قصه وإزالته بما شاء والتنوير بالنورة وغيرها، (و) سن (حف شارب) وهو المبالغة في قصه، (و) سن (تقليم ظفر) مخالفًا يوم الجمعة قبل الصلاة فيبدأ بخنصره اليمنى ثم الوسطى ثم الإبهام ثم البنصر ثم السبابة ثم إبهام اليسرى ثم وسطاها ثم خنصرها ثم سبابتها ثم بنصرها، (و) سن (نتف إبط) لحديث أبي هريرة: «الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط» متفق عليه، (و) سن (تسريح شعر)، ولا يتمشط كل يوم، (و) سن (إعفاء لحية) أي تركها، وحرم حلقها، (وكره قزع) وهو حلق بعض الرأس، وكره حلق رأس المرأة وقصه لغير ضرورة، (و) كره (نتف شيب) لأنه نور الإسلام وكذا تغييره بسواد في غير حرب، (و) كره أيضًا (ثقب أذن صبي) لا جارية نصًا، (و) كره (تسوك بعود آس) وهو الريحان لأنه يحرك عرق الجذام (ورمان) لأنه يضر، (و) كره أيضًا بعود (زكي الرائحة وطرفًا وقصب) فارسي لأنه يجرح (ونحوه) كالذي يتفتت.
تتمة: يكره التخليل بما يكره المتسوك به وبالخوص، ولا يتسوك ولا يتخلل بما
1 / 32
ويجب ختان ذكر وأنثى بعيد بلوغ مع أمن الضرر، ويسن قبله، ويكره من الولادة إلى السابع.
(فصل) وفروض الوضوء ستة: غسل الوجه ومنه فم وأنف، واليدين، والرجلين، ومسح الرأس، والترتيب، والموالاة وهي أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله يليه بزمن معتدل.
ــ
يجهله لئلا يكون من ذلك، ولا بأس أن يتسوك بالعود الواحد اثنان فصاعدًا.
فائدة: السواك باعتدال يطيب الفم، والنكهة، ويجلو الأسنان، ويقويها، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويمنع الحفر، ويصح المعدة، ويعين على الهضم، ويشهي الطعام، ويغذي الجائع، ويصفي الصوت، ويسهل مجاري الكلام، وينشط ويطرد النوم، ويخفف عن الرأس، ومن أعظم فوائده أنه يذكر الشهادة عند الموت، ويرضي الرب.
(ويجب ختان ذكر) بعيد بلوغ بأخذ جلدة الحشفة أو أكثرها، (و) يجب ختان (أنثى) أيضًا بعيد بلوغ بأخذ جلدة فوق محل الإيلاج تشبه عرف الديك، ويستحب أن لا تؤخذ كلها نصًا، قال في المطلع: ولا يجب على النساء في أصح الروايتين، ويجب ختان قبلي خنثى مشكل احتياطًا (بعيد بلوغ) وأتى بالصغير إشارة إلى أو البلوغ (مع أمن الضرر) متعلق بيجب ويباح إذا خاف على نفسه (ويسن) الختان (قبله) أي البلوغ، (ويكره) الختان (من الولادة إلى السابع) وفيه.
تتمة: يحرم نمص ووشر ووشم ووصل ولو بشعر بهمية أو إذن زوج.
(فصل) يذكر فيه فروض الوضوء وحكم النية وصفته وسننه.
(وفروض الوضوء ستة: غسل الوجه، ومنه فم وأنف. و) غسل (اليدين) مع المرفقين. (و) غسل (الرجلين) مع الكعبين. (ومسح الرأس) كله، ومنه الأذنان، (والترتيب) بين الأعضاء كما ذكر الله تعالى؛ لأنه أدخل ممسوحًا بين مغسولين وقطع النظير عن نظيره وهذه قرينة إرادة الترتيب، (والموالاة، وهي) الموالاة (أن لا يؤخر عسل عضو حتى ينشف الذي قبله) أي (يليه بزمن معتدل) أو قدره من غيره بخلاف الموالاة في الغسل فإنها لا تشترط.
1 / 33