Rawd Bayan
روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن
Noocyada
وأبحاث التخيل كثيرة وبالجملة، فحمل لفظ القرآن عليه مما لا يليق بتعظيم نظمه { ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين } (¬1) وأما ان للشيء وجودات أربعة فهو حق وصواب، وأما أن الكتابة تدل على العبارة ممنوع لأن النقوش والكتابة إنما تدل على المعاني الأولى المقصودة بتوسط الألفاظ والعبارات، وكذا الألفاظ تدل على المعاني الأول، ثم المعاني المقصودة ، أي التي قصد إثباتها أو نفيها ، ثم القول بأن ما في الأذهان يدل على ما في الأعيان، وأنه يفسر بحقيقته الموجودة في الخارج القائمة بذاته تعالى لا يخفى ما فيه فأنا إذا سمعنا إن زيدا قائم فهمنا منه نسبة القيام إلى زيد مؤكدة وأ فهمنا تأكيد النسبة بينهما، وتلك النسبة ثابتة فقد فهمنا تأكيد ثبوت النسبة ولابد من وجود قيام زيد في الخارج أو عدم قيامه، فإن طابق الذهن الخارج كان صدقا وإلا كان كذبا، وما في الخارج ليس مدلول ما في الذهن، بل مدلول ما في اللفظ أيضا.
فإنا نفهم مما أخبر الله سبحانه من قوله { إن فرعون علا في الأرض } (¬2) . تأكيد نسبة الطغيان إلى فرعون في أرض مملكته ومجاوزة الحد في الظلم فيها، وله خارج وهو ظلم فرعون وطغيانه في أرض مصر في ذلك الوقت. فإن أرادو أن هذا الخارج قام بذات الباري فظاهر البطلان، وإن أرادوا خارجا آخر دلهم عليه هذا الكلام، فهم مطالبون بإثباته. وإن أرادوا خارجا عن أذهاننا لا يرى ما في الأعيان فغير مفهوم من كلامهم، بل كلامهم نص على أن المراد بالخارج هو الموجود في الأعيان، وأنه قائم بذاته تعالى عن ذلك، وهو واضح الاستحالة والذي فسر أئمة الأصول القرآن به هو ملتزمنا وما وراء ذلك، فالقائل به لا يساعد عليه لأن مرجعه إما على العلم أو الإرادة.
Bogga 128