الروض الباسم
في الذب عن سنة أبي القاسم ﷺ
(وعليه حواشٍ لجماعة من العلماء منهم الأمير الصّنعاني)
تصنيف
الإمام المجتهد محمد بن إبراهيم الوزير
(٧٧٥ - ٨٤٠)
﵀
تقديم
فضيلة الشيخ
بكر بن عبد الله أبو زيد
إعتنى به
علي بن محمد العمران
الجزء الأول
دار عالم الفوائد
للنشر والتوزيع
Bog aan la aqoon
- أ -
تقديم
فضيلة الشيخ العلامة
بكر بن عبد الله أبو زيد
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وصحبه، ومن اهتدى بهديه.
أما بعد: فهذا صوت من صنعاء اليمن، ينصر السنة، ويدافع عن حملتها، ويذبّ عنهم وعنها، يدونه يراع العلامة ابن الوزير اليماني المُحلّى عند عامة من ترجمه بالإمام المجتهد: محمد بن إبراهيم بن علي القاسمي الصنعاني مدفنًا. المتوفى سنة (٨٤٠) -رحمه الله تعالى- يرقم سطوره في مُجالدةٍ مع شيخه العلامة ابن أبي القاسم اليماني، المنعوت عند علماء الزيدية بمجتهد المذهب في زمانه: علي ابن محمد الهادي. المتوفى سنة (٨٣٧) -رحمه الله تعالى- إذ كتب ابن أبي القاسم إلى تلميذه ابن الوزير رسالة ينصحه فيها عن ميله إلى التخلي عن مذهب الزيدية من خلال نصرته للسنة وأهلها.
وقد حوت هذه الرسالة إرجافًا في الخصام، بنفثات اعتزالية، ومحاجات عقلية، وتعسفات وعصبية، وقدحًا في الرجوع إلى الآيات القرآنية، والمرويات الأثرية، والقواعد الشرعية، في سَوْرة انفعال؛ إذ بهت برجل من قطره، ومن بني جلدته، وقد تتلمذ على يده، فما هي إلا لحظات، وعينه تنفتح على تلميذه وهو ينابذه في مشربه، معتصمًا بالله، ديدنه الوحيان الشريفان، جاعلًا مقالات الرجال دبر أذنيه، فاستوحش الشيخ من التلميذ، وتحامق عليه، واستعلى برسالته هذه، فتسلمها التلميذ ابن الوزير، وهش لها وبش، وكرّ وفرّ، وأقبل عليها إقبال الدهر، وأبداها صرخة حق في ضجة باطل، حتى قبضها الله،
المقدمة / 2
- ب -
ونفض التلميذ ما حثاه شيخه عليه من التحامق، ونقضها هذا التلميذ بكتاب مطول أسماه: «العواصم والقواصم» وهو مطبوع، ثم اعتصره مع زيادة إفادات، وإضافة مهمات في هذا الكتاب الذي بين يديك باسم «الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم» ﷺ عنوان يلفت الأنظار، ويجذب القلوب، كيف وقد طابق اسمه مسماه لما احتواه من الذَّبِّ عن السنة، والذود عنها وعن حملتها، وكشف الشبه عنها، سندًا ومتنًا، في أبحاث حديثية مسهبة، يبين فيها وجه الصواب، ويرد الشبه والاعتراض في مسائل طالما كثر فيها الجدل وطال، ومنها:
عدالة الراوي والرد على دعوى تعسر أو تعذر معرفتها، وإبطال تقديم طرق الاحتجاج العقلي على النقل المعصوم. ومبحث اتصال الراوية بكتب الجرح والتعديل، والمبحث الممتع إقامة حجج الله القاهرة على عدالة من عدّلهم الله -سبحانه- ورسوله ﷺ وهم صحابته ﵃ ونثر الحصرم في وجوه المشككة. ومبحث في التنديد بمن حصر الصحيح في الصحيحين. وآخر في النقض على من ادعى صحة مافي الكتب الستة. وتحرير طرق التصحيح والتضعيف، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، والبحث موعبًا في معترك الأقران، حول مسألة الاجتهاد والتقليد، والذب عن الأئمة الأربعة وأهل الحديث، وتقرير شرفهم، وفضيحة من تحَطَّطَ عليهم.
والتعريج على مباحث عقدية في قضايا: الجبر، والتجسيم، والتأويل ... وتأصيل القول في الاعتقاد على رسم الشرع المطهر لاغير، ومنابذة علم الكلام ونصيحة أهل الإسلام بالاهتمام بالقرآن، والنهي عن الابتداع.
إلى غير ذلك من أبحاث فائقة، يتخللها من النكات، والفوائد، الخير الكثير، والروض النمير، في فنون شتى.
المقدمة / 3
- جـ -
وإلى هذا المشمول العجاب، ترجع أهمية هذا الكتاب، وإلى أن محاورة مؤلّفه ليست نظرية، وإنما هي ميدانية في مواجهة مذهب عرفه، وارتوى منه ثم نزع إلى السنة، ثم ثاقفه المتعصبة، فأبرزت لنا هذه المنازلة: هذا الكتاب «الروض الباسم» وأصله: «العواصم والقواصم» والظاهر أن جلّ مؤلفات هذا الحبر هي في هذا الميدان، مثل: «إيثار الحق على الخلق» -وهو مطبوع- وغيره.
لا جرم إذًا أن يسارع المصلحون إلى طبعه، وقد كان فضل السبق للشيخ محمد منير الدمشقي المتوفى سنة (١٣٦٧) -رحمه الله تعالى-؛ إذ طبعه عام (١٣٣٢١)، فحصلت الاستفادة منه، ورجوع أهل العلم إليه، ونقلهم منه، على مدى ما يقرب من مائة عام من تاريخ طبعه، ثم تتابعت طبعاته بعد -فجزا الله الجميع خير الجزاء وأوفاه-.
هذه إضاآت عن هذا الكتاب، وعن مؤلّفه، وعن نزوعه إلى السنة، وعن تعويل العلماء على كتابه.
وإن كتابًا بهذه المثابة لابد أن يكون أمام اهتمامات البصراء من أهل العلم وطلابه؛ لمتابعة طباعته وإخراجه.
وقد سمت همّة الشيخ الفاضل/ علي بن محمد عمران، إلى الإمساك بناصيته، والاعتناء بإخراجه على مجموعة نسخ خطية، فلما أحضره إليّ -تقبل الله منا ومنه- مطبوعًا في تجربته الأخيرة في نحو: (٦٠٠) صفحة، ومقدمة التحقيق في نحو: (١٠٠) صفحة، وكشافاته في نحو: (١٥٠) صفحة، الجميع نحو: (٨٥٠) صفحة، قرأت مقدمة التحقيق، وجملة من التعاليق، وفي مواضع من المتن، وفي فهارسه الكاشفة عن مخبآته، فتذكرت قول من مضى: «دلّ على عاقل حسن اختياره» وأضيف إليه: «ودلّ على عاقل حسن عمله وإتقانه» فقد جمع هذا الفاضل بين الحسنيين، وحاز الدّلالتين؛ إذ قد مشى في تحقيقه
المقدمة / 4
- د -
على أصول علمية نيرة، يعرف التزامه بها من كان له فضل عناية بالتحقيق، ولا أريد أن أطيل، فالعمل أمام فَوَقَةِ القراء، ومنصفيهم.
وقد عافاه الله من حشر الحواشي الطوال بلا طائل -تلك الظاهرة التي تمكن غير المختصين من استباحة حمى العلوم الشرعية-.
وله -أثابه الله- لفتات نفيسة في المقدمة، والحواشي، وقد أحسن كل الإحسان في كشافات الكتاب المصنفة على مجموعتين: «الفهارس النظرية» التي في وسع كل أحد عملها، و«الفهارس العلمية» التي لا يستطيع عملها بصفة دقيقة موعبة إلا طالب علم متمكن، ولا أحسب المحقق إلا ذلك.
وكم لإخواننا في الله علماء اليمن وطلابه من أياد بيضاء على العلم وأهله أحيوا فيها مآثر الأجداد، ووطؤا منهم على الأعقاب، فاتصل الأحفاد بالآباء والأجداد.
غفر الله لابن الوزير، ونفع الله بكتابه المسلمين، وجزى الله أخانا الشيخ علي بن محمد عمران خيرًا على هذا العمل المبارك.
والحمد لله رب العالمين.
بكر بن عبد الله أبو زيد
في مصيف عام ١٤١٩
الطائف
مقدمة التحقيق إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، من يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا وَبَثَّ مِنهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيبًا﴾ [النساء:١] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَيَغْفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١] أما بعد؛ فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار. فلا زال حرّاس الشريعة، وأمناء الملة في جلاد وجدال دائبين، مع كل ظالم لنفسه ومعتد على غيره، من مبتدع ضالّ مستدرك على الدين، أو جائر باغ معطل لأحكام الشرع القويم، تارة بالحجة والبرهان، وأخرى بالقوة والسلطان، بحسب وجود المقتضي وزوال المانع، فكم لهم في هذا السبيل من فضائل منشورة ومواقف مشهورة!!.
مقدمة التحقيق إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، من يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا وَبَثَّ مِنهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيبًا﴾ [النساء:١] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَيَغْفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١] أما بعد؛ فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار. فلا زال حرّاس الشريعة، وأمناء الملة في جلاد وجدال دائبين، مع كل ظالم لنفسه ومعتد على غيره، من مبتدع ضالّ مستدرك على الدين، أو جائر باغ معطل لأحكام الشرع القويم، تارة بالحجة والبرهان، وأخرى بالقوة والسلطان، بحسب وجود المقتضي وزوال المانع، فكم لهم في هذا السبيل من فضائل منشورة ومواقف مشهورة!!.
المقدمة / 5
وهذا من حفظ الدين وتبليغه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: «فالمرصدُونَ للعلم، عليهم للأمة حفظ الدين وتبليغه، فإذا لم يبلغوهم علم الدين، أو ضيعوا حفظه كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين، ولهذا قال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ﴾ [البقرة:١٥٩]، فإن ضرر كتمانهم تعدى إلى البهائم وغيرها، فلعنهم اللاعنون حتى البهائم» (١) اهـ.
وكتابنا هذا كتاب «الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم» ﷺ أحد ثمرات تلك المهمة الجهادية، فقد تصدى المؤلف -رحمه الله تعالى- لتلك الهجمة الشرسة التي شنّها أعداء السنن، وأنصار البدع، ودعاة التقليد، اللذين فضلوا منطق اليونان على آيات القرآن، وذمّوا صحابة الرسول الفضلاء، ومن بعدهم من أكابر العلماء.
فتصدّى ابن الوزير لذلك كله؛ فرفع السنن، ونصر الحديث وأهله، ودعا إلى الاجتهاد، وحث على طلب العلوم الشرعية ورغّب فيها وجعل عمادها الكتاب، والسنة النبوية، والآثار الصحابية، وذبّ عن هداة الأنام، وليوث الصّدام: صحابة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، ومن بعدهم من علماء الإسلام.
وجهاد المؤلف ﵀ هو من أفضل الجهاد، لأنّ من أفضله قول الحق مع شدة المعارض، كالذي يتكلم عند من يخاف سطوته وأذاه (٢)، وهكذا كان المؤلف-﵀ في تلك البلاد وفي ذلك
_________
(١) «الفتاوى» بواسطة «الردود»: (ص/٨) للشيخ بكر أبو زيد.
(٢) «زاد المعاد»: (٣/ ٦٥). ط، الثامنة.
المقدمة / 6
الزمان متفردًا بالدعوة إلى الطريقة السنيّة، فخالف أهله وأهل بلده ومذهبه (١)، فتناولته الألسنة البذيّة من أعداء السنة النبوية، ورموه عن قوس واحدة، فصاولهم وصاولوه، وجالدهم وجالدوه، إلا أنه احتسب ذلك كله جهادًا في الله، «فلم تفزعه فيه ظلل الوشيج، ولم يجزعه فيه ارتفاع النشيج؛ مواقف حروب باشرها، وطوائف ضروب عاشرها، وأصناف خصوم لدّ اقتحم معها الغمرات، وواكلها مختلف الثمرات، وقطع جدالها قويّ لسانه، وجلادها شبا سنانه، قام بها وصابرها، بُلي بأصاغرها، وقاسا أكابرها، وأهل بدع قام في دفاعها، وجاهد في حطّ يفاعها، ومخالفة ملل بيّن لها خطأ التأويل، وسقم التعليل، وأسكت طنين الذباب في خياشم رؤوسهم بالأضاليل حتّى ناموا في مراقد الخضوع، وقاموا وأرجلهم تتساقط للوقوع، بأدلة أقطع من السيوف، وأجمع من السجوف، وأجلى من فلق الصّباح، وأجلب من فلق الرّماح:
إذا وثبت في وجه خطب تمزّقت
على كتفيه الدّرع وانتثر السّرد» (٢).
وقد كان المؤلف ابتدأ جوابه بكتابه الموسوعي العظيم «العواصم والقواصم»، ثم اختصره واعتصره في هذا الكتاب، فرتّب
_________
(١) «فتح الخالق»: (ق/١١١) للصنعاني، نسخة الجرافي.
(٢) اقتباس من كلام العلامة المنشىء أحمد بن يحيى بن فضل الله العمري (٧٤٩هـ) في الثناء على شيخ الإسلام ابن تيمية -رحم الله الجميع- في كتابه «مسالك الأبصار» (مخطوط).
المقدمة / 7
وهذّب، وقدّم وأخّر، وأتى من الحجج بأقواها، ومن اللوازم بما يلزم، ومن الاعتراض بما يُفحم، وزاد مع ذلك كله فوائد وقواعد وفرائد لا وجود لها في «الأصل» فأضحى كتابًا برأسه (١).
وقد سبق لهذا الكتاب أن طبع طبعات عدة -يأتي التعريف بها- وقد مضى على طبعته الأولى قرابة المئة عام، غير أن تلك الطبعات قد امتلأت بالتحريفات والسقط، مع عدم الوفاء بما تتطلبه مهمة التحقيق من أمور علمية وفنية، فانعقد العزم على تحقيق هذا الكتاب والعناية به، والله أسأل أن يكتب لي أجره إنه خير مسئول.
وقدّمت أمورًا قبل تحقيقه هي:
١ - ترجمة المؤلف: «لحفيد أخيه: محمد بن عبد الله بن الهادي بن إبراهيم الوزير المتوفى سنة (٨٩٧هـ»).
وصدّرت هذه الترجمة بمقدمة المحت فيها إلى أهمية دراسة شخصية ابن الوزير دراسة موعبة، وما حصل من تقصير في ترجمته من المتقدمين والمتأخرين والمحدّثين. ثم عرّفت بالمؤلّف «صاحب ترجمة ابن الوزير» وبكتابه.
٢ - دراسة الكتاب، وفيها:
-اسم الكتاب.
-إثبات نسبته للمؤلّف.
-تاريخ تأليفه.
-سبب تأليفه.
_________
(١) انظر (ص/٧٥ - فما بعدها) من المقدمة.
المقدمة / 8
-موارده.
-الثناء على الكتاب، وعكسه.
-علاقة المختصر بالأصل، وأوجه المغايرة والامتياز بينهما.
-غرضه منه، ومنهجه فيه.
-تنبيهات على أمور لها تعلّق بالمنهج.
-طبعات الكتاب.
-مخطوطات الكتاب، ونماذج منها.
-عملي في الكتاب.
ثمّ ألحقت الكتاب بفهارس نظرية وعلمية، وهي:
١ - كشاف الآيات القرآنية.
٢ - كشاف الأحاديث والآثار.
٣ - كشاف الشعر.
٤ - كشاف الكتب الواردة في المتن.
٥ - كشاف الأعلام.
٦ - كشاف موضوعات الكتاب على الفنون.
٧ - كشاف الفوائد واللطائف.
٨ - كشاف المصادر والمراجع.
٩ - كشاف الموضوعات.
كتب/ عليّ بن محمد العمران
١٩/ ٣/١٤١٩
في مكة المكرمة -حرسها الله-
المقدمة / 9
أولًا: ترجمة المؤلّف
تمهيد
إن علمًا كإبن الوزير ﵀ لم يستوف حقّه من الدراسة الواعية الشاملة لجوانب حياته وآثاره!! تلك الدراسة القائمة على السّبر والاستقصاء والتتبّع. هذا رغم مالهذا الإمام من أهمية عظمى في التغيّرات الفكرية والعقدية في اليمن، فإنه وقف بقوّة وصلابة أمام الامتداد الزّيدي المعتزليّ، ناقضًا لمبانيه، داحضًا لشبهاته ومباغيه.
وتكمن أهميّة دراسة هذه الشخصيّة في جانبين:
أولهما: في تلك الثروة العلمية التي خلّفها، حيث جمع بين العلوم النقلية، والعلوم العقلية -وقلّما يجتمعان-!!
أما العلوم النقليّة؛ فهذا الفنّ هو الذي أعجز الخصوم، إذ لا عناية بهم به، بل هم من أبعد الفرق عن الاعتناء بعلوم الحديث تدريسًا وتصنيفًا (١)، وقد اعترفوا له بذلك. فقد «حُكي عن السيد العلامة شمس الدين أحمد بن محمد الأزرقي أنّه قال: لا يبلغ أحد في زماننا هذا من الاجتهاد ما بلغ إليه السيّد عز الدين محمد بن إبراهيم، وقد أحسنّا كل شيء إلا ما بلغ إليه، فلم نقدر عليه، لتمكّنه من معرفة
_________
(١) انظر «الروض»: (ص/٦١، ١٧٥، ١٧٨) وهذا الجهل في عموم فرق الشيعة -والزيدية منهم- كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، انظر «منهاج السنّة» (١/ ٥٩)، (٥/ ١٦٣)، (٦/ ٣٧٩)، (٧/ ٤١٣). «القواعد الحديثية من المنهاج»: (ص/٣٧، ٥٨) للمحقق.
المقدمة / 10
الحديث ورجاله، وتبحّره في السمعيات» (١).
وهو كما قال، فقد وصفه بالحفظ جماعة من العلماء واعترفوا له بذلك؛ كالنفيس العلوي (شيخه)، والهادي الوزير، والصنعاني، والشوكاني. والناظر في كتبه (٢) يجده واسع الحفظ (٣)، غزير الإطلاع، فهو يسرد في المسألة الواحدة أزيد من مئتي حديث مستحضرًا لتراجم الرواة، وما قيل فيهم، وله اختيارات وترجيحات وعبارات تدلّ على تمكنه من هذا الفنّ، وله كلام على دقائق علوم الاصطلاح، والجرح والتعديل (٤)، وهو بكتب الحافظ الذهبي أشدّ عناية، بل يكاد يستظهرها خصوصًا «النبلاء» و«الميزان» (٥).
أما العلوم العقليّة (٦)؛ فقد بلغ منها الذروة العليا، بل هو جذيلها المحكّك، وعذيقها المرجّب، «شهد له بذلك جميع أهل الزّمان، من الأقارب والأباعد، والمخالف له في الاعتقاد والمساعد» (٧).
ولا عجب -أيضًا-؛ لأن هذه الفنون هي التي أفنى فيها ابن
_________
(١) «تاريخ بني الوزير» (ق/٣٦ب) نسخة المكتبة الغربية.
(٢) قال الشوكاني في «البدر الطالع»: (٢/ ٩٠) «ومن رام أن يعرف حاله ومقدار علمه (فعليه بمطالعة مصنفاته، فإنها شاهد عدل على علوّ طبقته، فإنه يسرد في المسألة الواحدة من الوجوه ما يبهر لبّ مطالعه ويعرّفه بقصر باعه» اهـ.
(٣) دلّلنا على كون المؤلف يكتب من حفظه، انظر المقدمة (ص/٨٤).
(٤) انظر الفهارس الموضوعية.
(٥) انظر موارد المؤلف.
(٦) كالأصول، والنحو، والمنطق وغيرها.
(٧) «تاريخ بني الوزير»: (ق/٣٥ب).
المقدمة / 11
الوزير عنفوان شبابه، وزهرة أيّامه، إلا أنه لم يقف منها موقف العاجز المسلّم، بل فحص وحقّق، وبحث ودقّق، حتى اتضحت له مناهج الصوب فسلكها، وانكشفت له سبل الباطل فزيّفها وردّها (١)، وذلك بعد رجوعه إلى الكتاب والسنة، فقد وجد فيهما الشّفاء كلّه: دقّه وجلّه.
قال ابن الوزير (٢) ﵀: «فإني ما زلت مشغوفًا بدرك الحقائق، مشغولًا بطلب المعارف، مؤثرًا الطلب لملازمة الأكابر، ومطالعة الدفاتر، والبحث عن حقائق مذاهب المخالفين، والتفتيش عن تلخيص أعذار الغالطين، محسّنًا في ذلك للنيّة، متحريًّا فيه لطريق السويّة، متضرّعًا إلى الله تضرّع مضطر محتار، غريق في بحار الأنظار، طريح في مهاوي الأفكار، قد وهبت أيام شبابي ولذّاتي، وزمان اكتسابي ونشاطي، لكدورة علم الكلام والجدال، والنظر في مقالات أهل الضلال، حتى عرفت صحّة قول من قال:
لقد طفت في تلك المعالم كلها ... وسيّرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعًا كفّ حائر ... على ذقن أو قارعًا سنّ نادم (٣)
وسبب (٤) إيثاري لذلك، وسلوكي تلك المسالك: أنّ أول ما
_________
(١) انظر «ترجمة ابن الوزير»: (ق/٥ - ٦أ).
(٢) «العواصم»: (١/ ٢٠١ - ٢٠٢).
(٣) عارض الإمام الصنعاني هذين البيتين بقوله:
لعلّك أهملت الطّواف بمعهد الرّ ... سول ومن والاه من كلّ عالم
فمار حار من يهدي بهدي محمد ... ولست تراه قارعًا سنّ نادم
(٤) في «العواصم»: «وبسبب» وهو خطأ.
المقدمة / 12
قرع سمعي، ورسخ في طبعي: وجوب النّظر، والقول بأنّ من قلد في الاعتقاد فقد كفر، فاستغرقت في ذلك حدّة نظري، وباكورة عمري، وما زلت أرى كلّ فرقة من المتكلمين تداوي أقوالًا مريضة، وتقوّي أجنحة مهيضة، فلم أحصل على طائل، وتمثلت بقول القائل:
كلٌّ يداوي سقيمًا من مقالته ... فمن لنا بصحيح ما به سقم
فرجعت إلى كتاب الله، وسنة رسول الله ﷺ، وقلت: لا بدّ أن يكون فيها براهين وردود على مخالفي الإسلام، وتعليم وإرشاد لمن اتبع الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.
فتدبّرت ذلك، فوجدت الشّفاء كلّه، دقّه وجلّه، وانشرح صدري، وصلح أمري، وزال ما كنت به مبتلى، وأنشدت متمثلًا:
فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ... كما قرّ عينًا بالإياب المسافر» ا هـ.
وثانيهما: تلك المدرسة الممتدّة للفكر الإصلاحي الذي اختطه ابن الوزير ﵀ في تلك المنطقة، متمثلًا ذلك المنهج في نخبة من العلماء، لهم مواقف مسطورة، على تفاوت بينهم؛ فمن مقلّ ومستكثر، ومنهم:
-القاضي محمد بن محمد بن داود النهمي، رفيق ابن الوزير في الطلب.
-الحسن بن أحمد بن محمد بن علي بن صلاح الجلال ... (١٠٨٤هـ).
-محمد بن علي بن قيس (١) (١٠٩٦هـ).
_________
(١) وقد نسخ كتاب «العواصم»، وأوقف نسخة من «الروض الباسم»، انظر مخطوطات الكتاب.
المقدمة / 13
-يحيى بن الحسين بن القاسم (١١٠٠هـ).
-صالح بن مهدي المقبلي (١١٠٨هـ).
-محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني (١١٨٢هـ)، وهو وارث علوم ابن الوزير، وشارح كتبه (١).
-محمد بن علي الشوكاني (١٢٥٠هـ).
-محمد بن عبد الملك الآنسيّ (١٣١٦هـ).
-أحمد بن عبد الله الجنداري (١٣٣٧هـ).
-عبد الله بن محمد العيزري (١٣٦٤هـ).
-حسين بن أحمد بن قاسم الخوثي (١٣٨٦هـ).
«وإذا كان الإصلاح (الذي اختطه الرائد) يسير ببطء؛ فما هو المتسبّب، وإنما ذلك لطبيعة الزمان والمكان، وضعف المقتضيات، وقوة الموانع، وحسبه أن حرّك الخامد، وزعزع الجامد، وأجال اليد المصلحة» (٢)
ومن نافلة القول أن هذه الدراسات الوصفية لهذه المدارس
_________
(١) فثناؤه على ابن الوزير منقطع النظير، وقد شرح عددًا من كتبه:
- فشرح «تنقيح الأنظار» بـ «توضيح الأفكار».
- وشرح الديوان المسمّى بـ «مجمع الحقائق والرقائق في ممادح ربّ الخلائق» بـ «فتح الخالق ...».
- وشرح عبارة لابن الوزير في «الروض» برسالة مستقلة وهي: «إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد».
- وله حاشية على «إيثار الحق» سمّاها: «الأنوار على كتاب الإيثار».
- وله حواشٍ على «الروض» أثبتناها في أماكنها من هذه الطبعة.
(٢) من كلام الشيخ البشير الإبراهيمي بتصرف، انظر: «آثاره»: (٣/ ٥٥٠).
المقدمة / 14
الفكرية، لن تؤتي أكلها، ولن تقوم على سوقها، إلا بدراسة مسبقة شاملة عن رائد تلك المدرسة، ولمّا يحصل ذلك -فيما أعلم-.
وبعد؛ فلم يحض ابن الوزير ﵀ بالترجمة لا من معاصريه، ولا من بعدهم. أما معاصريه؛ فلم يترجم له أحد منهم في كتبهم المشهورة كالمقريزي (٨٤٥هـ) في «درر العقود الفريدة»، فقد ترجم فيه لمعاصريه، ولا الحافظ ابن حجر (٨٥٢هـ) في «إنباء الغمر»، وهو على شرطه (١)، ولا العيني في «عقد الجمان»، ولا الفاسي (٨٣٢هـ) في «العقد الثمين» (٢)، ولا ابن تغري بردي (٨٧٤هـ) في «المنهل الصافي».
إلا ابن فهد (٨٧١هـ) فقد ترجمه ترجمة موجزة في «معجمه» نقل السخاوي في «الضوء اللامع»: (٦/ ٢٧٢) جلّ ما فيها.
ثم ترجم له السخاوي ترجمة موجزة في «الضوء» جلّها من «معجم ابن فهد»، وهذا يدل على عدم معرفته به، خاصّة أنه وهم فيها عدة أوهام!!.
ولذلك قال الشوكاني: «وكذلك السخاوي لو وقف على (العواصم والقواصم) لرأى فيها ما يملأ عينيه وقلبه، ولطال عنان قلمه في ترجمته، ولكن لعله بلغه الاسم دون المسمّى».
ثم قال: «ولا ريب أن علماء الطوائف لا يكثرون العناية بأهل هذه الديار لاعتقادهم في الزيدية مالا مقتضى له، إلا مجرد التقليد لمن
_________
(١) وأورده عرضًا في ترجمة أخيه الهادي.
(٢) ووهم الشوكاني في «البدر»: (٢/ ٩٢) فادّعى أن الفاسي ترجم له!! ولا وجود لذلك.
المقدمة / 15
لم يطلع على الأحوال، فإن في الديار الزيدية من أئمة الكتاب والسنة عددًا يجاوز الوصف يتقيدون بالعمل بنصوص الأدلة، ويعتمدون على ما صح في الأمهات الحديثية ... ولا يرفعون إلى التقليد رأسًا، لا يشوبون دينهم بشيءٍ من البدع التي لا يخلو أهل مذهب من المذاهب من شيء منها، بل هم على نمط السلف الصالح ...» (١) ا هـ.
أما أهل بلده؛ فقد انتصبوا لعداوته، والطعن فيه، والترسّل عليه، لا لشيء!! إلا لأنه «ذبّ عن السنة ودفع عن أعراض أكابر العلماء وأفاضل الأمة، وناضل أهل البدع، ونشر علم الحديث، وسائر العلوم الشرعية في أرض لم يألف أهلها ذلك، لا سيما في تلك الأيام» (٢).
وكان قائد تلك الحملة: شيخه جمال الدين علي بن محمد بن أبي القاسم (٨٣٧هـ) وهو المردود عليه في هذا الكتاب -كما سيأتي مشروحًا-.
قلت: بل بُلي بمن يطعن فيه من أهل بيته (٣)!! ويقول: إنه ممن أضله الله على علم!! وهذا كما قيل:
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضةً ... على النفس من وقع الحسام المهنّد (٤).
ومن أبشع ما وقفت عليه في الكلام على المؤلف ﵀
_________
(١) «البدر»: (٢/ ٨٣).
(٢) قال الشوكاني: (٢/ ٩٢).
(٣) انظر «هِجَر العلم»: (١/ ١٩٤ - ١٩٥).
(٤) البيت لطرفة بن العبد «ديوانه»: (ص/١١٣) ضمن معلقته.
المقدمة / 16
والتعصب عليه، مافاه به يحيى بن شمس الدين بن أحمد بن يحيى المرتضى (٩٦٥هـ)، فقد ساق القاضي الأكوع في «هجر العلم» (١) نقلًا عن هذا الرجل كلامًا شنيعًا مُقذعًا في حق الإمام ابن الوزير ﵀.
والشأن ما قاله الشوكاني: «إن هذه قاعدة مطردة في كلّ عالم يتبحّر في المعارف العلمية، ويفوق أهل عصره، ويدين بالكتاب والسنة، فإنه لا بدّ أن يستنكره المقصّرون، ويقع له معهم محنة بعد محنة، ثمّ يكون أمره الأعلى، وقوله الأوْلى، ويصير له بتك الزلازل لسان صدقٍ في الآخرين، ويكون لعلمه حظ لا يكون لغيره ....» (٢) اهـ.
أمّا من ترجم له من أهل بلده فهم:
١ - تلميذه محمد بن عبد الله بن الهادي بن إبراهيم الوزير ... (٨٩٧هـ) في ترجمة مستقلة، وهي التي نشرتها هنا في مقدمة هذا الكتاب.
٢ - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الوزير (٩٨٥هـ). في «تاريخ بني الوزير» (ق/٣٥ب-٤١ب).
٣ - أحمد بن صالح بن محمد بن علي بن أبي الرجال (١٠٩٢هـ) في «مطلع البدور ومجمع البحور» (مخطوط).
٤ - يحيى بن الحسين بن القاسم (١١٠٠هـ) في «طبقات الزيدية الصغرى» (مخطوط).
٥ - إبراهيم بن القاسم بن المؤيد (١١٥٣هـ) في «طبقات الزيدية الكبرى» (مخطوط).
_________
(١) (٣/ ١٣٢١ - ١٣٢٥).
(٢) «البدر الطالع»: (١/ ٦٥)، ونحوه في «الفضل المبين» / (ص/٣٢٨) لجمال الدين القاسمي.
المقدمة / 17
٦ - الوجيه العطّاب في «تاريخه» (١).
٧ - الشوكاني (١٢٥٠هـ) في «البدر الطالع» (٢/ ٨١ - ٩٣). وقال: إن ترجمته تحتمل مجلدًا.
وقد ترجم له ترجمة هائلة، ونعته بعبارات ضخمة، لم يطلقها ولا مثلها على أحد ممن ترجم له في كتابه أجمع.
وغير هؤلاء ......
أما المحدثين؛ فقد قدّم حوله عدد من الدراسات العلمية هي:
- «ابن الوزير اليمني ومنهجه الكلامي» لرزق الحجر، طبع سنة ... (١٤٠٤هـ).
- «إيثار الحق على الخلق» لابن الوزير، دراسة وتحقيق، الجزء الأول، لأحمد مصطفى حسين صالح، رسالة ماجستير بجامعة الإمام محمد بن سعود عام (١٤٠٣هـ)، وطبعت سنة (١٤٠٥هـ).
-الجزء الثاني من «الإيثار»، رسالة ماجستير بالجامعة نفسها، لمحمد بن زيد العسكر، عام (١٤٠٨هـ)، ولمّا تطبع.
- «ابن الوزير وآراؤه الاعتقادية»، رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى، لعلي بن علي الحربي سنة (١٤٠٦هـ)، وطبعت سنة (١٤١٧هـ) في مجلدين.
- «منهج ابن الوزير في الحديث» رسالة دكتوراه، بالمغرب، لأخي العزيز محمد بن عبد الله باجعمان، ولمّا تناقش بعد.
-كما أفرده أحمد العليمي بباب كامل في رسالته للماجستير
_________
(١) نقل منه صاحب ترجمة ابن الوزير، وصاحب تاريخ آل الوزير والشوكاني.
المقدمة / 18
«الصنعاني وكتابه توضيح الأفكار»: (ص/١٠٩ - ١٣٨)، لم يقدم فيها جديدًا!!.
-الإمام ابن الوزير وكتابه العواصم، للقاضي إسماعيل بن علي الأكوع.
ولمّا لم أرد تكرار الجهد، واجترار المعلومات؛ رأيت أن أسهم هنا بنشر «ترجمة ابن الوزير» لحفيد أخيه محمد بن عبد الله بن الهادي (٨٩٧هـ).
وهذه ترجمته: من كتاب «هجر العلم ومعاقله في اليمن»: (١/ ٤٥٠ - ٤٥١).
هو: «محمد بن عبد الله بن الهادي بن إبراهيم بن علي بن المرتضى الوزير (١). عالم مبرز في كثير من العلوم، نسّابة شاعر أديب، وكان له خط جميل.
وقرأ على عمّ أبيه الإمام المجتهد محمد بن إبراهيم الوزير. طُلب منه أن يدعو إلى نفسه بالإمامة فوافق في بداية الأمر، ثم أعرض عنها. ذكره البريهي في تاريخه المطوّل، فقال: «إنه التزم بمذهب الزيدية، وكان وزيرًا للإمام الناصر، ثم عزله، وقال: إنه أطلع على قصيدة للفقيه إبراهيم الإخفافي ينتقد فيها مذهب الزيدية، مطلعها:
مذهبكم يا أيها الزيدية ... مذهب حق جاء للعدلية
قال: ذلك تهكمًا، فأجاب عليه محمد بن عبد الله الوزير بقوله:
قصيدة فريدة دريّة ... رائعة في الوزن والرويّة
وهي (٩٢) بيتًا تعرّض فيها للمذهب الشافعي، فردّ عليه ...
_________
(١) وانظر: «الضوء»: (٨/ ١٢٠)، و«ملحق البدر الطالع»: (ص/٢٠٢).
المقدمة / 19
علي بن أبي بكر السّحولي بقصيدة سماها «الشهب الثاقبة الدامغة للفرقة القدرية الزائغة» وهي في (٢٦٠) بيتًا؛ مطلعها:
* ما بالكم يا معشر الزيدية *
ثم قال البريهي: «وله يد باقعة في علم النحو والأدب والشعر». توفي بحدّه ليلة السبت المسفرة عن (١٥ شعبان ٨٩٧هـ)، وذكر إبراهيم بن القاسم في «طبقاته» أنه توفي بصنعاء وقُبر في جربة الروض. وكان مولده بصعدة سنة (٨١٠هـ) انتهى.
أما النسخة الخطية (١): فتقع في (٧) ورقات في المكتبة الغربية بالجامع الكبير بصنعاء، بخط لطف بن سعد السّميني (٢).
وهي نسخة جيدة ومقابلة، فرغ من نسخها في ذي القعدة سنة ... (١٣٣٦هـ)، وفي نهايتها فائدة عن ابن الوزير لمّا سافر إلى الحج.
وقد التزمت الاقتصاد في التعليق على الكتاب، إلا في الكتب، فقد ذكرت كلّ ما فات المؤلف من كتب المترجم له، مع ذكر أماكن وجودها إن وقعت لي.
ولا يفوتني أن أنبه إلى أني قد حذفت جميع ما يتعلق بالتعريف بكتاب «العواصم» من هذه الترجمة، إذ لا تعلّق له بالترجمة، ولأن الكتاب مطبوع متداول، ولأن القاضي الأكوع قد فرّغ هذا التعريف في تقدمته للعواصم، فأغنى ذلك عن الإعادة، مع طول هذا التعريف فهو من (ق/١ب-٤ب)، والله -سبحانه- أستعين، وبه أستهدي.
_________
(١) انظر نماذج النسخة (ص/١٠١ - فما بعدها).
(٢) انظر (ص/٩٥) من المقدمة، في الكلام على نسخة (ي).
المقدمة / 20