روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان
روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان
Noocyada
تسليطهم على غيرهم وتسخير سائر الحيوانات لهم وأنهم يعرفون الله وإن جعل محمد صلى الله عليه وآله منهم وغير ذلك من النعم التي خصوا بها ويحتمل أن يريد المصنف ما هو أخص من ذلك وعلى هذا يجوز كون من تبعيضية لكن الأول أمتن وأبدع وأشكره على جميع الأقسام أي الأحوال لأنه تعالى في جميع الحالات لا يفعل إلا لفرض تعود مصلحته على العبد فيستحق الشكر على جميعها وهاتان الفقرتان وإن كانتا خبريتين لفظا لكنهما إنشائيتان معنى فإن الانشاء أكثر فائدة وأعم نفعا وأقوى حمدا وشكرا ولما فرغ من حمد الله والثناء عليه مما هو أهله توسل في تحصيل مرامه بالدعاء للأرواح المقدسة المتوسطة بين النفوس الناقصة المنغمسة في الكدورات البشرية وبين المبدء الفياض المتنزه عن شوايب النقص في استفاضة العنايات والأنوار منه وإفاضتها عليها بقوله وصلى الله من الصلاة المأمور بها في قوله تعالى صلوا عليه وسلموا وكان الأحسن أن يقول الصلاة عليه صلى الله عليه وآله بالسلام كما يقتضيه ظاهر الآية لكن أصحابنا جوزوا أن يراد بقوله وسلموا تسليما انقادوا لامره انقيادا كما في قوله فوربك لا يؤمنون إلى قوله ويسلموا تسليما فلذلك سهل الخطب عندهم في أفراد الصلاة عن السلام وإن احتمل أن يراد به التحية المخصوصة لعدم تحتم ذلك والصلاة الدعاء من الله وغيره لكنها منه مجاز في الرحمة كما قال بعضهم وقال آخرون هي منه الرحمة ويرجح الأول إن أراده وإلا لصار المجاز خير من الاشتراك وقوله تعالى أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة فإن العطف يقتضى المغايرة وربما يرد هذا على الأول أيضا لكن يمكن دفعه بأن التصريح بالحقيقة بعد إرادة المجاز تفيد تقوية المدلول المجازى ولجأ بعضهم إلى أنها من الله تعالى بمعنى الرضوان حذرا من ذلك والأولى في الجواب عن ذلك المنع من اختصاص العطف بلزوم المغايرة فإن من أنواع الواو العاطفة عطف الشئ على مرادفه كما ذكره ابن هشام في المغنى وذكر من شواهده قوله تعالى أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وقوله تعالى إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ونحو لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وقوله صلى الله عليه وآله ليأتني منكم ذووا الأحلام والنهى وقول الشاعر وألفي قولها كذبا ومينا وهذه الجملة إنشائية معنى لان الدعاء كله من قبيل الانشاء ووقوعه بصيغة المضي للتفاؤل بحصول المسؤول والحرص على وقوعه ولمناسبة المقام فلا إشكال في عطفها على ما قبلها من هذا الوجه نعم تخالف جملة الحمد الأولى في كونها فعلية وفي عطفها على الاسمية كلام والحق جوازه وإن كان مرجوحا ولو جعلت الواو للاستيناف صح أيضا إلا أنه لا ضرورة إليه على سيدنا محمد عطف بيان على سيدنا أو بدل منه على ما اختاره ابن مالك من أن نعت المعرفة إذا تقدم عليها أعرب بحسب العوامل وأعيدت المعرفة بدلا وصار المتبوع تابعا كقوله تعالى إلى صراط العزيز الحميد الله على قراءة الجر ومحمد علم منقول من اسم المفعول المضعف للمبالغة سمى به نبينا عليه الصلاة والسلام إلهاما من الله تعالى وتفاؤلا بأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله الحميدة وقال الجوهري المحمد الذي كثرت خصاله المحمودة وقد ورد أنه قيل لجده عبد المطلب وقد سماه في سابع ولادته لموت أبيه قبلها لم سميت ابنك محمدا وليس من أسماء آبائك ولا قومك قال رجوت أن يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه النبي بالهمز من النباء وهو الخبر لان النبي مخبر عن الله تعالى ويجوز ترك الهمز وهو الأكثر أما تخفيفا من المهموز بقلب همزته ياء وأما لان أصله من النبوة بفتح النون وسكون الباء أي الرفعة لان النبي مرفوع الرتبة على غيره من الخلق وهو انسان أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه فإن أمر بذلك فرسول أيضا فهارون رسول على الأول دون الثاني ويوشع غير رسول عليهما وقيل أنهما بمعنى
Bogga 7