الروضة الثالثة والعشرون في المدح والثناء وطيب الذكر والذمّ والهجو والشتم والغيبة
عن النبيّ ﷺ: «إذا رأيتم المدّاحين فاحثوا في وجوههم التراب» . قال العتبيّ: هو المدح بالباطل والكذب، وأمّا مدح الرجل بما فيه فلا بأس فيه.
وقد مدح أبو طالب والعباس رسول الله ﷺ وحسان وكعب وغيرهم ولم يبلغنا أنه حثا في وجه مادح ترابا، ومدح رسول الله ﷺ المهاجرين والأنصار، ومدح نفسه فقال: «أنا سيّد ولد آدم» . وقال يوسف ﵇: إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ
«١» وقال ابن مسعود: في حثو التراب معنيان: أحدهما التغليظ في الردّ عليه، والثاني أن يقال له: بفيك التراب. مدح رجل هشام بن عبد الملك فقال: يا هذا إنه قد نهي عن مدح الرجل في وجهه. فقال له: ما مدحتك وإنما ذكّرتك نعم الله تعالى عليك لتجدّد له شكرا. فقال هشام: هذا أحسن من مدحك ووصله وأكرمه. قيل في المدح:
من كان فوق محل الشمس موضعه ... فليس يرفعه شيء ولا يضع
وقيل:
كأنّك في الإعطاء للمال مبغض ... وفي كلّ حرب للمنيّة عاشق
قال رجل لآخر: أنت بستان الدنيا، فقال: وأنت النهر الذي يشرب منه ذلك