طائرًا كان يقَعُ عليه، ونظر إلى الدار، فقال: ها هنا نزلت بي أمي، وفي هذه الدار قبر أبي عبد الله بن المطلب، قال: وأحسنت العوم في بئر بني عدي بن النجار، قال: وكان قوم من اليهود يختلفون ينظرون إليه، فقالت أم أيمن: فسمعت أحدهم يقولُ: هو نبيُّ هذه الأمة، وهذه دارُ هجرته، فوعَيْتُ ذلك كلَّه من كلامه، ثم رَجَعَتْ به أمه إلى مكة، فلما كانوا بالأبواء توفيت أمُّه آمنة بنت وهب، فقبرها هنالك، فرجعت به أمُّ أيمن على البعيرين اللَّذينِ قدموا عليهما إلى مكة، وكانت تحضنه مع أمه، ثم بعد أن ماتت. أخرجه ابن سعد (١).
١٧ - عن نافع بن جبير وغيره قالوا: كان رسول الله ﷺ يكون مع أمه آمنة بنت وهب، فلما توفيت قبضَهُ إليهِ جدُّه عبد المطلب، وضمَّه ورقَّ عليه رقَّة لم يَرِقَّها على ولد [٥] وكان يُقرِّبه منه ويُدنيه، ويدخل عليه إذا خلا، وإذا نام، وكان يجلس على فراشه، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك: دعوا ابني إنه لَيُؤْنِسُ مُلكًا. وقال قوم من بني مُدلِج لعبد المطلب: احتفظ به فإنَّا لم نر قَدَمًا أشْبه بالقَدَمِ التي في المقام منه، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء، فكان أبو طالب يحتفظ به، فلما حضرت عبد المطلب الوفاةُ أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله ﷺ وحِياطته، ومات عبد المطلب فدفن بالحجُون (٢) وهو يومئذٍ ابن اثنتين وثمانين سنة، ويقال: ابن مئة وعشرين سنة، أخرجه ابن سعد (٣).
_________
(١) ١/ ١١٦ في "الطبقات" باب ذكر وفاة آمنة أم رسول الله ﷺ.
(٢) هو بفتح الحاء جبل بمكة وهي مقبرة، وقال عمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو يتأسَّف على البيت، وقيل: للحارثة الجرهمي:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر
بلى نحن كنا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العوائر
(٣) ١/ ١١٧ و١١٨ في "الطبقات" باب ذكر ضم عبد المطلب رسول الله ﷺ إليه بعد وفاة أمه.
1 / 35