الْغَيْبَ﴾ ١، وأن يقول: ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ ٢، فقال ﷺ "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع"٣.
والآيات والأحاديث في هذا كثيرة مع أن هذا لا يحتاج إلى إقامة الأدلة على بطلانه؛ لأنه معلوم بالاضطرار من دين الرسل كلهم -أن الدنيا والآخرة لله وحده، وأنه لا يعلم الغيب إلا هو، ولقد أحسن القائل:
الحق شمسٌ والعيون نواظر ... ولا يخفى إلا على العُمْيَان
ويشبه قوله هذا قوله في الهمزية، في مخاطبته للنبي ﷺ إلى أن قال:
الأمان الأمان إن فؤادي ... من ذنوب أتيتهن هواء
فهذه علتي وأنت طبيبي ... وليس يخفى عليك في القلب داء
فانظر إلى طلبه الأمان من النبي ﷺ وقوله:
..........................
وليس يخفى عليك في القلب داء يزعم أن النبي ﷺ يعلم علل القلوب وأدواءها وأنه لا يخفى عليه ما في القلوب، وقد قال الله ﷾: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ ٤. وغير ذلك من أدلة الكتاب والسنة التي تدل على أنه ﷺ لا يعلم ما في القلوب إلا مِمَّا أطْلَعَهُ الله عليه، قال -تعالى-: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ ٥ أي: فإنه يُطْلِعه على ما يشاء من غيبه. والله المسؤول المرجو أن يهدينا إلى صراطه المستقيم، ويتوفانا مسلمين غير مُغَيِّرين، ولا مُبَدِّلين، وهو أرحم الراحمين.