تتبع الرخص ويفسق به. وإن اختلف مجتهدان بأن أفتاه أحدهما بحكم والآخر بخلافه، تخير في الأخذ بأيهما شاء على الصحيح، اختاره القاضي والمجد وأبو الخطاب، وذكر أنه ظاهر كلام أحمد. وقيل: يأخذ بقول الأفضل منهما علما ودينا، وهذا اختيار الموفق في الروضة.
التساهل والتقليد في الفتوى
ويحرم تساهل مفت وتقليد معروف به، ١ لأن الفتيا أمر خطر، فينبغي أن يتبع السلف الصالح في ذلك؛ فقد كانوا يهابون الفتيا كثيرا، وقد قال الإمام أحمد: "إذا هاب الرجل شيئا لا ينبغي أن يحمل على أن يقول به".
قال بعض الشافعية: من اكتفى في فتياه بقول أو وجه في المسألة من غير نظر في الترجيح، فقد جهل وخرق الإجماع.
وذكر عن أبي الوليد الباجي٢ أنه ذكر عن بعض أصحابهم أنه كان يقول: "الذي لصديقي علي أن أفتيه بالرواية التي توافقه"، قال أبو الوليد: "وهذا لا يجوز عند أحد يعتد به في الإجماع". انتهى كلامه في شرح المختصر ملخصا.
وهذا الذي ذكره أبو الوليد ذكر مثله الشيخ تقي الدين وصاحب "الإنصاف" وغيرهما.
قال في "الاختيارات": "وأجمع العلماء على تحريم الحكم والفتيا بالهوى، أو بقول أو وجه من غير نظر في الترجيح، ويجب العمل بموجب اعتقاده فيما له وعليه إجماعا".
وشروط القضاء تعتبر حسب الإمكان، ويجب تولية الأمثل فالأمثل، وعلى هذا يدل كلام أحمد وغيره؛ فيولى -مع عدم العدل- أنفع الفاسقين وأقلهما شرا، وأعدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد، فإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع قدم فيما قد يظهر حكمه ويخاف الهوى فيه، الأورع، وفيما ندر حكمه ويخاف فيه الاشتباه، الأعلم، انتهى.
_________
١ أي التساهل.
٢ هو من كبار المالكية.
1 / 9