إن الدين النصراني هو من الصحة ما لا يحتاج معه إلى أدلة مبهمة، والواقع أنه إذا وجد شيء لا يمكن أن يزعزع أسس هذا الدين المقدس المعقول كان إحساس مسيو بسكال هذا هو ذاك الشيء، وذلك أنه يريد وجود معنيين لكل شيء في الكتاب المقدس، ولكنه إذا وجد رجل بلغ من شقاء الإلحاد ما يقول له: إن الذي يعطي معنيين لكلامه يريد خدع الناس، وإن هذه المخادعة مما تعاقب عليه القوانين دائما؛ ولذا فكيف تستطيع أن تذهب - بلا خجل - إلى وجود شيء في الله يعاقب عليه، ويكره وجوده في الناس؟ وما أقول؟ فأي ازدراء وأي حنق لا تعاملون بهما هواتف الوثنيين لأن لها معنيين؟ ألا يمكن أن يقال: إن الأفضل هو ألا يكون للنبوءات الخاصة بيسوع مباشرة غير معنى واحد كنبوءات دانيال وميخا وغيرهما؟ أو لا يمكن أن يقال أيضا: إننا إذا لم نكن مدركين لشيء من النبوءات، أفلا يكون الدين أقل ثبوتا بهذا؟ (16)
وما بين الأجسام والأرواح من بعد لا حد له، يصور ما بين الأرواح والمحبة من بعد أكثر لا نهاية من ذلك بما لا حد له؛ وذلك لأنها فوق الطبيعة.
ما كان مسيو بسكال ليستعمل هذه السفسطات في كتابه - على ما نعتقد - لو كان لديه من الوقت ما يفعل فيه هذا. (17)
ويكون أظهر ضعف قوة لدى من يحسنون تناول الأشياء، ومن ذلك سلسلتا النسب لدى مار متى ومار لوقا، ومن الواضح أن هذا لم يوضع باتفاق.
فهل كان على ناشري «الأفكار» أن يطبعوا هذه الفكرة التي يكفي عرضها وحده على الإضرار بالدين؟ وما فائدة القول بأن تينك السلسلتين، بأن تينك النقطتين الأساسيتين في الدين النصراني، متناقضتان من غير أن يبين الوجه الذي يمكن أن يوفق فيه بينهما؟ كان يجب تقديم الترياق مع السم، وما يفكر في أمر محام يقول: «أجل، إن موكلي يناقض نفسه، بيد أن هذا الضعف قوة لدى من يعرفون حسن تناول الأمور؟» (18)
ولذا لا ينبغي أن نعير - بعد الآن - بعدم الوضوح، ما دمنا نباهي به، ولكن لتعرف حقيقة الدين في غموض الدين نفسه، فيما عندنا من قلة وضوحه، وفيما لدينا من عدم اكتراث لمعرفة ذلك.
تلك هي دلائل الحقيقة التي يأتي بها بسكال! وما يمكن أن يكون للكذب من دلائل أخرى؟ ماذا؟! كان يكفي الإنسان أن يقول ليصدق: «أنا غامض، أنا مستغلق!» يكون أقرب إلى الصواب ألا يعرض على الأبصار غير أنوار الإيمان بدلا من غوامض العلم. (19)
ولو لم يكن غير دين واحد لكان الله جليا جدا.
ماذا؟! أنت تقول: «لو لم يكن غير دين واحد لكان الله جليا جدا؟!» آه! أو تنسى أنك تقول في كل صفحة: إنه لن يكون غير دين واحد ذات يوم؟ ولذا فأنت ترى أن الله سيكون جليا جدا في ذلك الحين . (20)
وأقول: إن الدين اليهودي لم يقم على أي من هذه الأمور، بل على حب الله فقط، وإن الله كره جميع الأمور الأخرى.
Bog aan la aqoon