منه كلام الشيخ في الخلاف، حيث أنه لم يذكر إلا عدم وجوب البحث عن عدالة الشهود إذا عرف إسلامهم (1)، ثم احتج بإجماع الفرقة وأخبارهم، وأن الأصل في المسلم العدالة، والفسق طار عليه، يحتاج إلى دليل (2).
نعم: عبارة الشيخ في المبسوط ظاهرة في هذا المعنى، فإنه قال: إن العدالة في اللغة: أن يكون الانسان متعادل الأحوال متساويا، وأما في الشريعة: فهو من كان عدلا في دينه عدلا في مروته، عدلا في أحكامه، فالعدل في الدين: أن يكون مسلما لا يعرف منه شئ من أسباب الفسق، وفي المروة: أن يكون مجتنبا للأمور التي تسقط المروة،.. إلى آخر ما ذكر. (انتهى موضع الحاجة) (3).
لكن الظاهر أنه أراد كفاية عدم معرفة الفسق منه في ثبوت العدالة، لا أنه نفسها، ولذا فسر العدالة في المروة بنفس الاجتناب، لا بعدم العلم بالارتكاب.
هذا كله، مع أنه لا يعقل كون عدم ظهور الفسق أو حسن الظاهر نفس العدالة، لأن ذلك يقتضي كون العدالة ن الأمور التي يكون وجودها الواقعي عين وجودها الذهني، وهذا لا يجامع كون ضده - أعني الفسق - أمرا واقعيا لا دخل للذهن فيه. وحينئذ فمن كان في علم الله تعالى مرتكبا للكبائر مع عدم ظهور ذلك لأحد، يلزم أن يكون عادلا في الواقع وفاسقا في الواقع [وكذا لو فرض أنه لا ذهن ولا ذاهن (4) يلزم أن لا يتحقق العدالة في الواقع] (5) لأن المفروض أن وجودها الواقعي عين وجودها الذهني. وأما بطلان اللازم (6) فغني
Bogga 9