قرأت شرحنا للبيت قراءة منتقد، وتتبعه طالب للعثرات مجتهد، فوجدتنا قد قلنا إن هذه الباء تسمى باء الجزاء وباء البدل وباء العوض، فكتبت في طرة الكتاب متوهما أنك ظفرت بتمرة - الغراب: أين الجزاء؟ وإنما المعنى أنه أكرمها بأن صير جلالها حرير استجاز أن يتبعها في الحرب حتى تختضب بالدم.
وقد أخطأت - أبقاك الله - من وجهين: أحدهما: أنا لم ترد أن هذه الباء تكون بمعنى الجزاء في كل موضع، وإنما أردنا أن نبين مواضعها من كلام العرب. والثاني: أن هذا البيت لا يستنكر أن يكون فيه معنى الجزاء مضمنا على وجه نذكره: أما كون هذه الباء بمعنى الجزاء فكقول العرب: هذه بتلك والبادئ أظلم، وقوله الله تعالى: ﴿ذلك بما قدمت يداك﴾ [الحج ٢٢: ١٠] وكقولهم في المثل السائر: "يوم بيوم الخفض المجور".
وأما كونها بمعنى العوض والبدل، فكقول طرفة:
(بما قد أرى الحي الجميع بغبطة ... إذا الحي حي والحلول حلول)
وقول الآخر
1 / 63