إذا عرجت بنا على مدينة كانت مَرْمَى مَرامي نزلت بغنائها لحسن رَوَائها، فقرت العين بمنظرها النضير، وجمال موقعها الشهير، تحفها جبال وأنهار، وتزينها أشجار وأزهار، ولمثلها تروق النواظر، وبحسنها تقر لها النواظر.
أما هي فتسمى هيدل برج إحدى مدن غراندوقية بادن بألمانيا، وأحسن البلاد الألمانية من حيث المنظر والموقع الطبيعيان لكونها في وادٍ مستطيل بين جبلين زاهيين بالأشجار، ويمر بجانبها نهر عظيم يقال له نيكار ويسمى الجبل الذي هي في منحدره شفارتس فالد والذي يقابله أودن فالد وعدد سكانها الآن ٢٧٠٠٠ نفس، وبها مدرسة جامعة قديمة أنشئت سنة ١٣٨٦ ميلادية، وهي من أعظم المدارس بألمانيا، وتخرج فيها كثير من علمائهم المشهورين، وبها الآن ٩٠٠ طالب تقريبًا.
ولا أعلم من تاريخ تلك المدينة سوى أنه كان يحكمها أحد مشاهير الألمانيين المسمى فالس جراف في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، وبنى فوق أحد جبليها قصرًا عظيمًا ارتفاعه ١٠٠ متر عن نهر نيكار المذكور، وكان متقن البناء
متناسب الأجواء، حتى إنه يقال إنه أحسن بناء أقامه الألمانيون في ذلك العصر بعد كنيسة كلونيا وأما هو الآن فأغلبه آثار
1 / 362