وبينما أنا سائر بها إذ قذفت بي الأرجل إلى ميدان أقيم في وسطه تمثال يوحنا جوتن برج مخترع الطبع، وبيده مجموع من الحروف السلكية فوقفت متذكرًا عظيم ما أتى به من الاختراع الذي عاد على البسيطة بالنفع العام، وحيث سار بنا الكلام إلى حديثه أحببت أن أوافيكم بذكر ترجمته فأقول: هو يوحنا جوتن برج، وكلمة جوتن برج اسم لقطعة أرض كانت مملوكة لأسلافه ومعناها جبل طيب، ويسمى ذلك الرجل أيضًا جنرفليش ولد في مدينة مينس المذكورة بين سنة ١٣٩٥ وسنة ١٤٠٠ ميلادية وهو من عائلة أصيلة ليست بغنية، وكان في أوائل أمره يميل إلى الأشغال اليدوية فيشغل نفسه بأعمال صور مادتها الأخشاب أو الحديد، ثم بارح تلك المدينة، وسكن مدينة استراسبورج عاصمة الإلزاس لورين واهتدى وقتئذ إلى اختراع آلة الطبع فعمد إلى أحد أغنياء تلك المدينة المسمى تريتسين المذكور، وكان له أخ فقام يطالب يوحنا بالمصاريف التي أمده بها أخوه في حياته، فأبطأ ذلك من همته
1 / 351