عظيم، شقوا طرقه على أحسن انتظام، وأجروا فيه بحيرات صناعية، وبه تخوت لأولي الألحان، أما ذلك القصر فيشتمل على كثير من القاعات مبنية بالمرمر، وفراشها الحرائر، وما أشبه ذلك. وقد قسموا تلك القاعات إلى أقسام: فمنها ما هو معدٌّ للألعاب كالشطرنج والنرد، وخلافهما، ومنها لتلاوة الجرائد حيث يأتيها الجرائد من جميع الأقطار، ومنها ما هو معدّ للاستراحة فقط، والناس بتلك القاعات جالسون كأن على رؤوسهم الطير حيث لا يجوز لأحد رفع صوته فيها حرصًا على أمزجة الباقين، وإذا مشى أحد سار الهوينا، لئلا تهيج لحركاته أفكار الحاضرين، فإنهم من الذين لا يتحملون ذبابة تحول بينهم وبين الجو، وذلك لأن أغلب الغرباء الذين يأتون تلك المدينة على أقسام شتى: فمنهم من أصابه مرض الغنى، فيأخذ نفسه بالترفه والترف، وعدم الاشتغال، فيضيق منه الخاطر فتتشنج أعصابه، وأغلب ذلك القسم هم النساء والرجال، ولذلك يأتون إلى هذه المدينة لصرف أفكارهم بالتنزه، وسماع الموسيقى والألعاب، ومشاهدة مراسح التشخيص، وما أشبه ذلك، ومثلهم لدينا كالنساء اللواتي يزعمن أن عليهن الزار.
1 / 348