ثم يختلفون أيضا في ذلك، فمنهم: من يسرع إلى فهمه الفقه ويبطئ عنه الحساب، ومنهم من يعلق بفهمه الطب وينبو عنه النجوم، ومنهم من يتيسر له الدقيق الخفي ويعتاص عليه الواضح الجلي، ومنهم من يتعلم فنا من العلم فيرسخ في قلبه رسوخ النقر في الحجر، ويتعلم ما هو أخف منه فيدرس دروس الرقم على الماء، ومن طلبة المال من يطلبه بالتجارة، ومن يطلبه بالجراية، ومن يطلبه بالسلطان، ومن يطلبه بالكيمياء، فيتلف بالطمع الكاذب والتماس المحال أثلة المال، ومن طلبة النساء من يريد المهفهفة، ومن يريد الضناك، ومن يريد الغرة الصغيرة، ومن يريد النصف الوثيرة، وأعجب من هذا من ربما حبب إليه العجوز؛ قال الشاعر:
عجوز عليها كبرة وملاحة
أقاتلتي يا للرجال عجوز
عجوز لو ان الماء ملك يمينها
لما تركتنا بالمياه نجوز
ومن لؤم الغرائز أن من الناس من يحب الذم كما يحب غيره المدح، ويرتاح للهجاء كما يرتاح غيره للثناء، ومنهم من يغرى بذم قومه وسب نفسه وآبائه وشتم عشيرته، منهم عميرة بن جعيل التغلبي، وهو القائل:
كسا الله حي تغلب ابنة وائل
من اللؤم أصفارا بطيئا نصولها
ومنهم الحرمازي، وهو القائل:
إن بني الحرماز قوم فيهم
Bog aan la aqoon