في بلدة لم تصل عكل بها طنبا
ولا خباء ولا عك وهمدان
ولا لجرم ولا بهراء من وطن
لكنها لبني الأحرار أوطان
أرض تبنى بها كسرى مناسكه
فما بها من بني اللخناء إنسان
فبنو الأحرار عندهم العجم من ولد إسحاق وإسحاق لسارة وهي حرة، وبنو اللخناء عندهم العرب؛ لأنهم من ولد إسماعيل، وإسماعيل لهاجر وهي أمة قالوا: واللخناء عند العرب الأمة؛ فالويل الطويل لهؤلاء والبعد والثبور من هذه العداوة لأولياء الله، والأنباز القبيحة لصفوة الله، وقد غلطوا في التأويل على اللغة. وليس كل أمة عند العرب لخناء؛ إنما اللخناء من الإماء الممتهنة في رعي الإبل وسقيها، وجمع الحطب وحمله واستقاء الماء والحلب وأشباه ذلك من الخدمة، كما يقال الأمة الوكعاء. وليس كل أمة وكعاء، وإنما قيل لخناء لنتن ريحها، ويقال لخن السقاء يلخن لخنا إذا تغير ريحه وأنتن.
وأما مثل «هاجر» التي طهرها الله من كل دنس وطيبها من كل دفر، وارتضاها للخليل فراشا وللطيبين إسماعيل ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - أما، وجعلهما سلالة، فهل يجوز لملحد - فضلا عن مسلم - أن يطلق عليها اللخن. ولو لم يكن إلا أن ملك القبط متع بها سارة وكانت أنفس إمائه عنده وأحظاهن لديه، لقد كان في ذلك دليل على أنها لم تكن من الإماء اللخن. ولو جاز أن يطلق على كل أمة لخناء لجاز أن يقال لكل شريف ولدته أمة هذا ابن اللخناء، كما يقال هذا ابن الأمة، وقد ولدت الإماء الخلفاء والخيار والأبرار مثل: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
حدثني سهل بن محمد، قال: حدثنا الأصمعي، قال: كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم هؤلاء الثلاثة؛ ففاقوا أهل المدينة فقها وورعا، فرغب الناس في السراري. والنساب لا يعرفون لأهل فارس ولا للنبط في إسحاق بن إبراهيم حظا؛ لأن إسحاق تزوج رفقا بنت ناحور بن تارح، وتارح هو آزر ورفقا بنت عمه؛ فولدت له عيصو ويعقوب توأمين في بطن واحد؛ فيعقوب هو إسرائيل الذي ولد الأسباط كلهم وكانوا اثني عشر رجلا، وأولادهم جميعا يدعون بني إسرائيل، وهم أهل الكتاب ليس لهؤلاء فيهم سبب ولا نسب، وعيصو هو أبو الروم. وكان الروم رجلا أصفر شديد الصفرة في بياض، ومن أجل ذلك سميت الروم بني الأصفر. قالوا: وكانت أم الروم بنت إسماعيل بن إبراهيم وولد من الروم خمسة نفر، فكل من بأرض الروم من نسل هؤلاء الرهط، قالوا: ولما سبقه يعقوب إلى دعوة إسحاق؛ فصارت النبوة في ولده دعا لعيصو بالنماء والكثرة؛ فالروم كلها من ولده، وبعض الناس يزعم أيضا أن الأشبان من ولده، وقالوا: النبط بن ساروح بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح، ويقال: إنه ابن ماش بن سام بن نوح.
قالوا: وأهل فارس من ولد لاود بن إرم بن سام بن نوح. وكان كثير الولد فنزل أرض فارس فأجناس الفرس كلهم من ولده، فليس بين هؤلاء وبين إسحاق بن إبراهيم - على ما ذكر النسابون - نسب يجمعهم إلا سام بن نوح.
Bog aan la aqoon