227

Rasaa'il Bulagha

رسائل البلغاء

Noocyada

صلى الله عليه وسلم

يقول: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.»

قال أبو محمد: وليس لأحد مثل عتاق العرب، ولا عند أحد من الناس من العلم بها ما عندهم، وسأذكر من ذلك شيئا فيما بعد - إن شاء الله - وإذا كان للرجل منها جواد مبر كريم شهر به وعرف، فقيل العسجدي ولاحق وذا حسن والورد. وليس أعجب من سرير كسرى وفخر العجم به وتصويرهم إياه في الصخور الصم وفي رعان الجبال، وإذا رأيت العرب تنسب إلى شيء خسيس في نفسه، فليس ذلك إلا لمعنى شريف فيه، كقولهم لهنيدة بنت صعصعة عمة الفرزدق ذات الخمار فمن لم يعرف سبب الخمار ها هنا يظن أنها كانت تختمر دون نساء قومها فنسبت إلى الخمار لذلك، قال أبو عبيدة: كانت هنيدة بنت صعصعة تقول: من جاء من نساء العرب بأربعة مثل أربعتي يحل لها أن تضع عندهم خمارها فصرمتي لها أبي صعصعة، وأخي غالب، وخالي الأقرع بن حابس، وزوجي الزبرقان بن بدر فسميت ذات الخمار لذلك

وقال: كان هند بن أبي هالة ربيب النبي

صلى الله عليه وسلم

يقول: أنا أكرم الناس أربعة، أبي رسول الله وأمي خديجة وأختي فاطمة وأخي القاسم، فهؤلاء الأربعة لا أربعتها. وأما خطؤه في المعارضة؛ فإن صاحب البردين لم يكن ملك العرب فيعارضنا عنه بملك العجم، ولم يدع أحد أنه كان للعرب في دولة العجم مثل ملكها وأموالها وعددها وسلاحها وحريرها وديباجها فيحتاج أن يذكر فيلة أبرويز وجواريه وفرشه، وقد كان هذا لأولئك كما ذكر، ثم جعله الله لهؤلاء فابتزوه واستلبوه والتحوهم كما يلتحى القضيب، والناسخ أفضل من المنسوخ. وأما فخره بما ليس له فيه حظ ولا نصيب؛ فإنما يفخر بملك فارس أبناء ملوكها وأبناء عمالهم وكتابهم وحجابهم وأساورتهم، فأما رجل من عرض العجم وعوامهم لا يعرف له نسب ولا يشهر له أب فما حظه في سرير كسرى وتاجه وحريره وديباجه؟! وليس هو من ذلك في مراح ولا مغدى ولا مظل ولا مأوى؛ فإن قال: لأني من العجم وكسرى فمرحبا بالمثل المبتذل ابن جار النجار. ولو قال أيضا: لأني من الناس وكسرى من الناس. وكان وهذا سواء وما هو بأولى بهذا السبب من العرب؛ لأن العرب أيضا من الناس.

قال أبو عبيدة: أجريت الخيل فطلع منها فرس سابق، فجعل رجل من النظارة يكبر ويثب من الفرح. فقال له رجل إلى جانبه: يا فتى، أهذا السابق فرسك؟ فقال: لا، ولكن اللجام لي.

وقال المسعودي: قدم علينا أعراب وكانوا يأتون ببضائعهم فأبيعها وأقوم بحوائجهم. وكانوا يقولون: رحم الله أباك دينارا فكنت لا آلوهم عناية، فقلت لهم: أخبروني عن السبب بينكم وبين أبي قالوا: كان يساومنا مرة بأتان، فقلت لهم: هل كان اشتراها منكم؟ قالا: لا، قلت: الله أكبر، قالوا: وما ذاك؟ قلت: لو اشتراها صارت رحما ونسبا.

وقد كانت العجم - رحمك الله - في ذلك الزمان طبق الأرض شرقا وغربا وبرا وبحرا إلا محال معد واليمن ، أفكل هؤلاء أشراف؟ فأين الوضعاء والأدنياء والكساحون والحجامون والدباغون والخمارون والرعاع والمهان؟ وهل كان ذوو الشرف في جملة الناس إلا كاللمعة في جلد البعير؟ وأين ذراريهم وأعقابهم أدرجوا جميعا فلم يبق منهم أحد، وبقي أبناء الملوك والأشراف؟

وأعجب من هذا ادعاؤهم إلى إسحاق بن إبراهيم - صلى الله عليهما وسلم - وفخرهم على العرب بأنه لسارة الحرة وأن إسماعيل أبا العرب لهاجر، وهي أمة، قال شاعرهم:

Bog aan la aqoon