Rasaa'il Ibn Hazm Al-Andalusi
رسائل ابن حزم الأندلسي
Baare
إحسان عباس
Daabacaha
المؤسسة العربية للدراسات والنشر
يقف ابن حزم عند بعض هذه الظواهر لأن وضعه الوداع تحت اسم البين جعله يفكر في البين المتأتي عن الرحلة او عن الموت. وقد تنبه ابن داود إلى أن مواقف الشعراء من الوداع متفاوتة، فمنهم من يسارع إلى الفراق تغنمًا لساعة الوداع لان فيه " عناقًا وانتظار اعتناق يوم التلاق " ومنهم من يصبر عليه ويتعمد ألا يشهد منظر الوداع إشفاقًا من ألمه؛ وقد فتح الباب بذلك لابن حزم كي يقول: ولهذا تمنى بعض الشعراء البين ومدحوا يوم النوى، وما ذاك بحسن ولا صواب ولا بالأصيل من الرأي فما يفي سرور ساعة بحزن ساعات.. الخ ".
٧ - ويلتقي المؤلفان في كثير من الحقائق العامة التي عرضاها عند الحديث عن حفظ السر والاذاعة (البابان ١٢، ١٣ عند ابن حزم؛ والبابان ٤٣، ٤٤ في الزهرة) حتى ليلتقيان في بعض العبارات، فيقول ابن داود في من يطوي سره رغم مضاضة الكتمان " شديد الإبقاء على إلفه " (٣١١) ويقول ابن حزم " وربما كان سبب الكتمان إبقاء المحب على محبوبه ". ويتفقان على أن المحب لا يملك أحيانًا إلا البوح بسره لأنه يمتلكه من الوجد ما يغلبه أو بتعبير ابن حزم: " وربما كان من أسباب الكشف غلبة الحب ".
٨ - ولا خلاف في ان ابن حزم حين يتحدث عن الحب من أول نظرة وعن الحب بعد المطاولة (الفصلان ٥، ٦) يعتمد تجارب عرفها عند غيره وفي نفسه، ولكن أصول هذا كله متوفرة في الزهرة (٣٣٠) حيث يقرر ابن داود أن ما وقع من الهوى بأول نظر كان بقاؤه يسيرًا وأما ما كان استحسانًا ينمو على مر الأيام فإنه لا يزول - إذا قدر له ذلك - إلا ببطء؛ ويتبنى ابن حزم نفسه هذا الموقف حين يقول " وإني لأطيل العجب من كل من يدعي أنه يحب من نظرة واحدة، ولا أكاد أصدقه، ولا اجعل حبه إلا ضربًا من الشهوة " ويقول في تصوير المطاولة: " فما دخل عسيرًا لم يخرج يسيرًا " ويقابل هذا عند ابن داود قوله: كل شيء في العالم إن اعتبرته وجدت ما ارتقى إلى هذه الغاية القصوى بغير
1 / 49