Rasaail Ikhwaan al-Safaa iyo Xulafada Wafa
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
Noocyada
ومن فضيلة الثمانية ما ذكرته الحكماء الرياضيون بأن بين أقطار أكر الأفلاك وبين قطر الأرض والهواء نسبة موسيقية؛ وبيان ذلك أنه إذا كان نصف قطر الأرض ثمانية، وكان نصف قطر كرة الهواء تسعة؛ فإن قطر كرة فلك القمر اثنا عشر، وقطر فلك عطارد ثلاثة عشر، وقطر فلك الزهرة ستة عشر، وقطر فلك الشمس ثمانية عشر، وقطر فلك المريخ إحدى وعشرون ونصف، وقطر فلك المشتري أربعة وعشرون، وقطر فلك زحل سبعة وعشرون وأربعة أسباع، وقطر فلك الكواكب الثابتة اثنان وثلاثون.
فنسبة قطر فلك القمر من قطر الأرض مثله وثلث، ومن قطر الهواء المثل والربع، ونسبة قطر الزهرة من قطر الأرض نسبة الضعف، ومن قطر القمر المثل والثلث، ونسبة قطر الشمس من قطر الهواء الضعف، ومن قطر الأرض الضعفان والربع، ومن قطر القمر المثل والنصف، ونسبة قطر المشتري من قطر القمر الضعف، ومن قطر الأرض الثلاثة الأضعاف، ومن الزهرة المثل والنصف، ونسبة قطر فلك الكواكب الثابتة من قطر المشتري المثل والربع، ومن الزهرة الضعف، ومن الشمس المثل والثلاثة الأرباع، ومن القمر الضعفان والثلاثة الأرباع، ومن الأرض أربعة أضعاف.
وأما عطارد والمريخ وزحل فغير هذه النسبة ، فمن أجل هذا قيل: إنها نحوس، وذكر هؤلاء الحكماء أيضا أن بين عظم أجرام هذه الكواكب بعضها لبعض نسبا شتى، إما عددية وإما هندسية وإما موسيقية، وهكذا بينها وبين جرم الأرض هذه النسب أيضا موجودة، ولكن منها شريفة فاضلة ومنها دون ذلك، يطول شرحها.
فقد تبين بما ذكرنا أن جملة جسم العالم بجميع أفلاكه وأشخاص كواكبه وأركانها الأربعة وتركيب بعضها جوف بعض، مركبة ومؤلفة ومصنوعة وموضوعة بعضها من بعض على هذه النسب المذكورة المقدم ذكرها، وأن جملة جسم العالم يجري مجرى جسم حيوان واحد وإنسان واحد ومدينة واحدة، وأن مدبرها ومصورها ومركبها ومؤلفها ومبدعها ومخترعها واحد لا شريك له، وهذا كان أحد أغراضنا في هذه الرسالة.
ومن فضيلة الثمانية أيضا أنك إذا تأملت يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، وتصفحت الموجودات وعنصر الكائنات الفاسدات؛ وجدت موجودات كثيرة مثمنات كطبائع الأركان: الحار الرطب والبارد اليابس والبارد الرطب والحار اليابس ثمانية، وهي أصل الموجودات الطبيعية، وعنصر الكائنات الفاسدات.
وأيضا من فضيلة الثمانية أنك تجد مناظرات الكواكب إلى ثمانية مواضع في الفلك مخصوصة دون غيرها، وهي المركز والمقابلة والتثليثان والتربيعان والتسديسان، وهذه الثمانية هي أيضا أحد أسباب الكائنات الفاسدات التي دون فلك القمر، وإذا تأملت أيضا واعتبرت؛ وجدت الثمانية والعشرين حرفا التي في اللغة العربية المماثلة لثمان وعشرين منزلة من منازل القمر، هجاؤها ثمانية أحرف، وهي: «أ ل ف ي م ن د و». ومفاعيل أشعار العرب أيضا ثمانية أجزاء، وهي أجزاء العروض وأجناس ألحان غنائهم أيضا ثمانية - كما سنبين في فصل آخر.
وقد قيل: إن للجنان ثماني مراتب، وحملة العرش ثمانية والنيران سبعة أبواب، وقد بينا في رسالة البعث والقيامة حقيقتها، وعلى هذا القياس يا أخي إذا تأملت الموجودات وتصفحت أحوال الكائنات وجدت أشياء كثيرة ثنائيات وثلاثيات ورباعيات وخماسيات وسداسيات وسباعيات وثمانيات ومتسعات ومعشرات، وما زاد على ذلك بالغا ما بلغ.
وإنما أردنا بذكر المثمنات أن ننبهك من نوم الغفلة ورقدة الجهالة؛ ولتعلم أن المسبعة الذين قد شغفوا بذكر المسبعات وتفضيلها على غيرها إنما كان نظرهم جزئيا وكلامهم غير كلي.
وكذلك حكم الثنوية في المثنويات والنصارى في تثليثهم والطبيعيين في مربعاتهم والحزمية في مخمساتهم والهند في مسدساتهم، والكيالية في متسعاتهم، وليس هذا مذهب إخواننا الكرام أيدهم الله وإيانا بروح منه؛ حيث كانوا في البلاد، بل نظرهم كلي وبحثهم عمومي وعلمهم جامع ومعرفتهم شاملة.
ولنعد الآن إلى ما كنا فيه فنقول: قد تبين إذن بما ذكرنا طرف من صفة العود وكمية أوتاره وتناسب ما بين غلاظها ودقاقها وكمية دساتينها وكيفية شدها وما بينها من التناسب وكمية نغمات نقرات أوتاره مطلقا ومزموما وما بينها من التناسب، فإن أحكم المصنوعات وأتقن المركبات وأحسن المؤلفات ما كان تأليف أجزائه وهيئة تركيبه على النسبة الأفضل، ومن أجل هذا صارت الألحان تستلذها أكثر المسامع وتستحسن صفتها واستعمالها أكثر العقول، ويغنى بها في مجالس الملوك والرؤساء.
Bog aan la aqoon