Rasaail Ikhwaan al-Safaa iyo Xulafada Wafa
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
Noocyada
والحركة نوعان: سريعة وبطيئة، والحركة السريعة هي التي يقطع المتحرك بها مسافة بعيدة في زمان قصير، والبطيئة هي التي يقطع المتحرك بها مسافة أقل منها في ذلك الزمان بعينه، والحركتان لا يعدان اثنتين إلا أن يكون بينهما زمان سكون، والسكون هو وقوف المتحرك في مكانه الأول زمانا ما كان يمكنه أن يكون متحركا فيه حركة ما.
وإذ قد فرغنا من ذكر ما احتجنا أن نبينه فنقول الآن: إن الأصوات تنقسم من جهة الكيفية ثمانية أنواع، كل نوعين منها متقابلان من جنس المضاف، فمنها العظيم والصغير والسريع والبطيء والحاد والغليظ والجهير والخفيف، فأما العظيم والصغير من الأصوات فبإضافة بعضها إلى بعض، والمثال في ذلك أصوات الطبول؛ وذلك أن أصوات طبول المواكب إذا أضيفت إلى أصوات طبول المخانيث كانت عظيمة، وإذا أضيفت إلى أصوات الكوس كانت صغيرة، وأصوات الكوس إذا أضيفت إلى أصوات الرعد والصواعق كانت صغيرة.
والكوس هو طبل عظيم يضرب في ثغور خراسان عند النفير يسمع صوته من فراسخ، فعلى هذا المثال يعتبر عظم الأصوات وصغرها بإضافة بعضها إلى بعض، وأما السريع والبطيء من الأصوات بإضافة بعضها إلى بعض، فهي التي تكون أزمان سكونات ما بين نقراتها قصيرة بالإضافة إلى غيرها.
والمثال في ذلك أصوات كوذينات القصارين ومطارق الحدادين؛ فإنها مريعة بالإضافة إلى أصوات دق الرزازين والجصاصين، وهي بطيئة بالإضافة إليها، وأما بالإضافة إلى أصوات مجازيف الملاحين فهي سريعة، وعلى هذا المثال تعتبر سرعة الأصوات وبطؤها بإضافة بعضها إلى بعض، وأما الحاد والغليظ من الأصوات بإضافة بعضها إلى بعض؛ فهي كأصوات نقرات الزير وحدته، بالإضافة إلى نقرات المثنى والمثنى إلى المثلث والمثلث إلى البم؛ فإنها تكون حادة.
فأما بالعكس فإن صوت البم بالإضافة إلى المثلث والمثلث إلى المثنى والمثنى إلى الزير فغليظة، ومن وجه آخر أيضا، فإن صوت كل وتر مطلقا غليظ بالإضافة إلى مزمومه - أي مزموم كان - فعلى هذا القياس تعتبر حدة الأصوات وغلظها بإضافة بعضها إلى بعض.
وأما الخفيف والجهير من الأصوات فقد تقدمت إبانتهما عند ذكر علتهما في الفصل الأول، والأصوات تنقسم من جهة الكمية نوعين: متصلة ومنفصلة، فالمتصلة هي التي بين أزمان حركة نقراتها زمان سكون محسوس، مثل نقرات الأوتار وإيقاعات القضبان.
وأما المتصلة من الأصوات فهي مثل أصوات المزامير والنايات والدبادب والدواليب والنواعير وما شاكلها، والأصوات المتصلة تنقسم نوعين: حادة وغليظة، فما كان من النايات والمزامير أوسع تجويفا وثقبا كان صوته أغلظ، وما كان أضيق تجويفا وثقبا كان صوته أحد، ومن جهة أخرى أيضا ما كان من الثقب إلى موضع النفخ أقرب كانت نغمته أحد، وما كان أبعد كان أغلظ.
(3) فصل في امتزاج الأصوات وتنافرها
اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن أصوات الأوتار المتساوية الغلظ والطول والخرق إذا نقرت نقرة واحدة كانت متساوية، وإن كانت متساوية في الطول، مختلفة في الغلظ؛ كانت أصوات الغليظ أغلظ وأصوات الدقيق أحد، وإن كانت متساوية في الطول والغلظ، مختلفة في الخرق، كانت أصوات المخروقة حادة، وأصوات المسترخية غليظة، وإن كانت متساوية في الغلظ والطول والخرق، مختلفة في النقر، كان أشدها نقرا أعلاها صوتا.
واعلم بأن الأصوات الحادة والغليظة متضادان، ولكن إذا كانت على نسبة تأليفية ائتلفت وامتزجت واتحدت، وصارت لحنا موزونا واستلذتها المسامع وفرحت بها الأرواح، وسرت بها النفوس، وإن كانت على غير النسبة تنافرت وتباينت ولم تأتلف ولم تستلذها المسامع، بل تنفر عنها وتشمئز منها النفوس وتكرهها الأرواح.
Bog aan la aqoon