Rasaail Ikhwaan al-Safaa iyo Xulafada Wafa
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
Noocyada
واعلم يا أخي بأن نسبة المعلومات التي يدركها الإنسان بالحواس الخمس بالإضافة إلى ما ينتج عنها في أوائل العقول؛ كثيرة كنسبة الحروف المعجمة بالإضافة إلى ما يتركب عنها من الأسماء، ونسبة المعلومات التي هي في أوائل العقول بالإضافة إلى ما ينتج عنها بالبراهين والقياسات من العلوم؛ كثيرة كنسبة الأسماء إلى ما يتألف عنها في المقالات والخطب والمحاورات من الكلام واللغات. والدليل على صحة ما قلنا بأن المعلومات القياسية أكثر عددا من المعلومات التي هي في أوائل العقول ما ذكر في كتاب إقليدس، وذلك أنه يذكر في صدر كل مقالة مقدار عشر معلومات أقل أو أكثر مما هي في أوائل العقول، ثم يستخرج من نتائجها مائتي مسألة معلومات برهانية ، وهكذا حكم كتاب المجسطي، وأكثر كتب الفلسفة هكذا حكمها.
وإذ قد فرغنا من ذكر كيفية دخول الخطأ في القياس من جهة جهل المتعلمين؛ فنريد أن نذكر كيفية دخول الخطأ من جهة القياس واعوجاجه.
(8) فصل في كيفية اعوجاج القياس وكيف التحرز منه
واعلم يا أخي بأن الخطأ الذي يدخل في القياس من جهة اعوجاجه كثير الفنون كثرة يطول شرحها، ذكر ذلك في كتب المنطق، إلا أنا نريد أن نذكر في هذا الفصل شرائط القياس المستوي حسب؛ ليتحفظ بها ويقتصر على استعمال ما في البراهين، ويترك ما سواه من القياسات التي لا يؤمن فيها من الخطأ والزلل، فمن القياسات التي تخطئ وتصيب القياس على مجرى العادة بالأنموذج، وهو قياس الجزء على الكل.
واعلم يا أخي أن القياس الذي لا يدخله الخطأ والزلل هو الذي حفظ في تركيبه واستعماله الشرائط التي أوصى بها أرسطاطاليس تلاميذه، وهي هذه: ينبغي أن يؤخذ في كل علم وتعلم قياسي معنيان معلومان، مما هو في أوائل العقول وهي: هل هو، وما هو، وإنما أوصى هذا من أجل أنه لا يمكن أن يعلم مجهول بمجهول، ولا أن يقاس على شيء مجهول وشيء معلوم، فلا بد أن يؤخذ شيء معلوم مما هو في أوائل العقول، ثم يقاس عليه سائر ما يطلب بالبرهان.
والذي في أوائل العقول شيئان اثنان هويات الأشياء وماهياتها، وذلك أن هويات الأشياء تحصل في النفوس بطريق الحواس، وماهياتها بطريق الفكر والروية والتمييز، كما بينا في رسالة الحاس والمحسوس، وإذا حصلت هويات المحسوسات في النفس بطريق الحواس، وماهياتها بطريق الفكر والروية والتمييز، سميت النفوس عند ذلك عاقلة، وإذا تأملت وأردت يا أخي أن تعرف ما العقل الإنساني، فليس هو شيئا سوى النفس الإنسانية التي صارت علامة بالفعل بعدما كانت علامة بالقوة، وإنما صارت علامة بالفعل بعدما حصل فيها صور هوية الأشياء بطريق الحواس وصور ماهيتها بطريق الفكر والروية.
(9) فصل في أساس القياس البرهاني
واعلم يا أخي بأن على هذين العلمين يبنى سائر القياسات البرهانية؛ أعني: هل هو، وما هو، مثال ذلك ما ذكر في كتاب إقليدس في أول المقالة الأولى تسع معلومات مما هو في أوائل العقول، ثم بتوسطها يبرهن على سائر المسائل، وهي قوله: إذا كانت أشياء متساوية لشيء واحد، فهي أيضا متساوية، وإن زيد على أشياء متساوية أشياء متساوية صارت كلها متساوية، وإن نقص منها متساوية كانت الباقية متساوية، وإن زيد على أشياء غير متساوية أشياء متساوية كانت كلها غير متساوية، وإن نقص منها أشياء متساوية كانت الباقية غير متساوية، وإن كان كل واحد مثلين لشيء واحد فهي متساوية، وإن كان كل واحد نصف الشيء، فهي أيضا متساوية، وإذا انطبقت مقاديرها ولم يفضل بعضها على بعض، فهي أيضا متساوية، والكل أكثر من جزء، فهذه الحكومات كلها مأخوذة من العلوم التي هي في أوائل العقول بالسوية لا يختلف العقلاء في شيء منها، ثم يقاس عليها ما هم مختلفون فيه.
(10) فصل في أوائل العقول وأوائل المعلومات
واعلم يا أخي بأن هذه الأشياء وأمثالها تسمى أوائل في العقول؛ لأن كل العقلاء يعلمونها ولا يختلفون فيها إذا تأملوها وأنعموا النظر فيها، وإنما اختلافاتهم تكون في الأشياء التي تعلم بطريق الاستدلال والمقاييس، وسبب اختلافهم فيها كثرة الطرق وفنون المقاييس وكيفية استعمالها، وشرح ذلك طويل قد ذكر في كتب المنطق وكتب الجدل، ونريد أن نبين كيف تحصل حقائق هذه المعلومات في أنفس العقلاء.
Bog aan la aqoon