Qoob ka ciyaarka Hadhka Farxadeed
رقصة الظلال السعيدة
Noocyada
سمعت آلي ماكجي ذلك أيضا دون أن تنطق بشيء؛ فلم يكن الوقت مناسبا لأي نوع من التدقيق. ارتفع صوت ليونا أكثر فأكثر أثناء حديثها، وفي أية لحظة الآن من الممكن أن تتوقف عن الحديث وتبدأ في الصراخ: لا تجعلوا هذه الطفلة تقترب مني، لا تدعوني أراها، لا تجعلوها تقترب مني فحسب.
تحتشد النساء في المطبخ حول الأريكة، وقد أضحى من المتعذر تمييز أجسامهن الضخمة في شبه الظلام السائد، وتبدو وجوههن كأطياف شاحبة وثقيلة، يرتدين أقنعة الحداد والتعاطف الطقسية. يقلن لها: استريحي الآن، بالنبرات المهيبة للتهدئة والعزاء. استريحي يا ليونا، هي ليست هنا، لا بأس.
وتقول الفتاة العضوة في جماعة جيش الخلاص الخيرية الدينية بصوتها الرقيق الرزين: يجب أن تغفري لها سيدة باري، إنها مجرد طفلة صغيرة. أحيانا كانت هذه الفتاة تقول: إنها إرادة الرب، نحن لا نفطنها. تقول المرأة الأخرى العضوة أيضا في جماعة جيش الخلاص، والتي كانت أكبر سنا، وذات وجه دهني باهت وصوت ذكوري إلى حد بعيد: في جنات النعيم يتفتح الأطفال كالزهور. احتاج الرب إلى زهرة أخرى، فأخذ طفلك. يا أختاه، عليك أن تشكريه وتفرحي.
أصغت النساء الأخريات في انزعاج حينما كانت تتحدث تلك الفتاة والمرأة؛ ارتسمت على وجوههن لدى سماع تلك الكلمات نظرة إجلال طفولية مرتبكة. صنعن الشاي ووضعن فوق الطاولة الفطائر وكيك الفواكه والكعك المحلى الذي أرسله الناس والذي صنعوه بأنفسهم، لم يأكل أحد أي شيء لأن ليونا كانت ترفض الأكل. كان كثير من النساء يبكي، لكن لم تبك عضوتا جماعة جيش الخلاص، بكت أيضا آلي ماكجي. كانت امرأة بدينة، ذات وجه هادئ وصدر كبير، ولم يكن لديها أطفال. ثنت ليونا ركبتيها أسفل اللحاف وأخذت تهز نفسها للأمام والخلف وهي تنتحب، وتحرك رأسها لأسفل ثم للخلف (مظهرة، كما لاحظت بعض النساء بشعور من الخزي، الخطوط المتسخة برقبتها)، ثم هدأت وقالت بطريقة أشبه بالمفاجأة: لقد أرضعته حتى بلغ عشرة أشهر، كان طفلا رائعا للغاية، أيضا، ما كنت أشعر بوجوده في المنزل قط، لطالما قلت إنه أفضل أطفالي على الإطلاق.
شعرت النساء في المطبخ المظلم شديد الحرارة بمهابة هذا الحزن من منظورهن كأمهات؛ كن متواضعات أمام ليونا القذرة وغير المحبوبة والبائسة. عندما حضر الرجال - الأب وأحد الأقارب وأحد الجيران، حاملين كومة من الحطب أو طالبين في استحياء شيئا يأكلونه - أدركوا على الفور أن هناك شيئا يردعهم، ويوبخهم. خرجوا وقالوا للرجال الآخرين: أجل، ما زلن على حالهن. وقال الأب - الذي بدا منفعلا وثملا قليلا؛ لأنه شعر بأن الناس كانوا يتوقعون منه أن يتصرف بشكل معين في موقف كهذا، لكنه لم يفعل، ولم يكن هذا منصفا: أجل، لن يفيد هذا بيني بأي شيء، حتى وإن بكين للأبد. •••
كان جورج وآيرين يلعبان لعبة القص واللصق، يقصان الأشكال من أحد الكتالوجات، كانا قد قصا صورا لأسرة: الأم والأب والأبناء، والآن يقصان لهم الثياب. شاهدتهما باتريشيا وهما يقصان وقالت: انظرا إلى الطريقة التي تقصان بها! انظرا إلى كل هذه المساحة البيضاء الزائدة حول الأطراف! كيف ستتناسب هذه الملابس مع الصور، ولم تقصا أي أجزاء زائدة مكافئة لها؟! أمسكت هي بالمقص وقصت بدقة كبيرة، ولم تترك أية مساحات زائدة بيضاء حول الأطراف؛ كان وجهها الصغير الشاحب والفطن مائلا إلى أحد الجانبين، وشفتاها مضمومتين معا. كانت تقوم بالأشياء كما يقوم بها الكبار؛ لم تكن تدعي شيئا، لم تدع أنها مغنية، على الرغم من أنها كانت تنوي أن تكون مغنية عندما تكبر، ربما في الأفلام، أو في الإذاعة. أحبت مطالعة مجلات الأفلام والمجلات التي توجد بها صور الملابس والحجرات، أحبت النظر في نوافذ بعض المنازل في الجزء العلوي من المدينة.
حاول بيني التسلق أعلى الأريكة، انتزع الكتالوج فضربته آيرين على يده؛ بدأ في البكاء، فأمسكته باتريشيا بمهارة وحملته إلى النافذة، أوقفته فوق كرسي لينظر إلى الخارج، وقالت له: باو-واو، بيني، أترى باو-واو؟ - كان هذا هو كلب ماندي الذي نهض وهز نفسه وانطلق بعيدا في الطريق.
قال بيني بأسلوب استفهامي: باو-واو؟ وهو يبسط يديه وينحني في مقابل النافذة ليرى أين ذهب الكلب. كان بيني يبلغ ثمانية عشر شهرا من العمر والكلمات الوحيدة التي كان يعرف أن ينطقها هي باو-واو وبرام، ويقصد ببرام شاحذ المقصات والسكاكين الذي كان يمر من على الطريق أحيانا؛ كان اسمه براندون، يتذكره بيني، ويركض إلى الخارج ليقابله عندما يحضر. كان الأطفال الآخرون الأصغر ممن يبلغون ثلاثة عشر أو أربعة عشر شهرا يعرفون كلمات أكثر من بيني، وكان بإمكانهم القيام بحركات أكثر منه، كالتلويح عند الوداع، والتصفيق، ومعظمهم كانوا أجمل وأذكى منه. كان بيني طويلا ونحيفا وهزيلا، ووجهه مثل وجه أبيه - شاحب، وصامت، وغير آمل - لم يكن ينقصه سوى قبعة مدببة متسخة. لكنه كان طفلا مطيعا؛ كان يقف لساعات ينظر فقط من النافذة ويقول باو-واو، باو-واو، بنبرة استفهامية خافتة، وبدندنة، يضرب بيده على اللوح الزجاجي للنافذة. كان يحب أن يرفعه الناس ويحملوه، وكأنه طفل رضيع؛ كان يستلقي ناظرا لأعلى ومبتسما، بشيء من الحياء أو الريبة. علمت باتريشيا أنه أحمق؛ كانت تكره الحماقة، كان هو الشيء الأحمق الوحيد الذي لم تكرهه. كانت تذهب وتمسح له أنفه ببراعة وجدية، كانت تحاول أن تجعله يتحدث، وأن يكرر الكلمات وراءها، وتلصق وجهها بوجهه، وتقول بلهفة: أهلا يا بيني، أهلا. فكان ينظر إليها ويبتسم بطريقته البطيئة المرتابة. كان يجعلها ذلك تشعر بشيء ما، شيء من الحزن والسأم، ثم كانت تنصرف وتتركه، تذهب لتتصفح إحدى المجلات السينمائية.
كانت قد تناولت كوبا من الشاي وقطعة من كعكة محلاة بالسكر في الإفطار؛ والآن شعرت بالجوع. فتشت بين الصحون المتسخة وخليط اللبن والعصيدة فوق طاولة المطبخ؛ التقطت كعكة، لكنها كانت غارقة في اللبن، فتركتها مرة أخرى. قالت: إن هذا المكان مذر. لم يكترث جورج وآيرين. خطت فوق كمية من العصيدة جفت فوق مشمع الأرضية. قالت: انظروا! انظروا! لماذا يبدو المكان فوضويا هكذا دائما؟ تحركت في المكان وهي تخطو فوق الأشياء بلامبالاة، ثم أحضرت الدلو المعدني والفرشاة من أسفل الحوض ومغرفة، وبدأت في غرف المياه من صهريج الموقد.
قالت: سأنظف هذا المنزل جيدا؛ فهو لا يحظى بالنظافة اللائقة أبدا كبقية المنازل الأخرى. إن أول شيء سأفعله هو دعك الأرضية بالفرشاة، وعليكما يا أطفال مساعدتي ...
Bog aan la aqoon