Qoob ka ciyaarka Hadhka Farxadeed
رقصة الظلال السعيدة
Noocyada
قال جورج: «لأنك تذكرينني بميكي روني، قولي لي أين يذهب الناس في هذه البلدة؟ أين يذهب الجميع؟» أدارت ميكي ظهرها وبدأت في صب القهوة وبدا كأنها لم تعد ترغب في التحدث أكثر؛ لذا شعر جورج بالتوتر قليلا، كما يشعر عندما يواجه تهديدا بضرورة التزام الصمت أو البقاء وحده. قال في شبه أسى: «انتظري، ألا توجد أية فتيات في هذه البلدة؟ ألا توجد أية فتيات أو قاعات رقص أو أي شيء؟ نحن غريبان عن البلدة. ألا ترغبين في مساعدتنا؟»
قالت ميكي في برود: «إن قاعة الرقص عند الشاطئ تغلق أبوابها في عيد العمال.» «ألا توجد قاعات رقص أخرى؟»
قالت ميكي: «هناك حفل راقص الليلة في مدرسة ويلسون.»
قال جورج في حنق مبهم: «ذاك الرقص عتيق الطراز؟ كلا، كلا، أنا لا أحبذ ذلك الرقص العتيق. من نوع «جميع الرجال جهة اليسار» وتلك الأمور، اعتدت الرقص هكذا في قبو الكنيسة. أجل، على طريقة «فليتمايل الجميع»، لا أحبذ هذا. فقط في قبو الكنيسة.» ثم قال لي: «أنت لا تذكر هذا، كنت صغيرا للغاية.»
كنت قد أنهيت توا دراستي الثانوية في ذاك الوقت، وكان جورج يعمل منذ ثلاثة أعوام في قسم الأحذية الرجالي بمتجر متعدد الأقسام بوسط المدينة؛ لذا كان هناك ذلك الفارق بيننا. بيد أننا لم نهتم أحدنا بالآخر قط حين كنا في المدينة. نحن الآن معا لأننا تقابلنا على نحو غير متوقع في مكان غريب، ولأني أملك القليل من المال، فيما كان جورج مفلسا. كما كنت أقود سيارة أبي، وكان جورج في إحدى الفترات التي لا يمتلك أثناءها سيارة، وهو الأمر الذي جعله دائما ناقما وسريع الغضب قليلا. لكنه كان مضطرا إلى إعادة ترتيب تلك الحقائق بعض الشيء، فقد جعلته مضطربا. استشعرت أنه يصطنع قدرا كافيا من المشاعر الطيبة، ومشاعر الصداقة القديمة، ويجعلني أظهر بمظهر صديق العمر، ديك؛ الفتى الطيب، صاحب الشخصية المميزة، وهو ما لم يهمني بطريقة أو بأخرى، رغم أني لم أعتقد - بينما كنت أتطلع إلى وسامته الشقراء الفجة واللطيفة في ذات الوقت، وفمه الوردي الجذاب، وتجعيدات الغضب والدهشة التي بدأت الحيرة المتكررة في طبعها على جبهته - أنني سأتكمن من إثارة حماسة شخصية مثل شخصية جورج.
كنت قد ذهبت بالسيارة إلى بحيرة هورون لإحضار أمي إلى المنزل من منتجع شاطئي للنساء، وهو مكان يتناولن فيه عصائر الفاكهة والجبن القريش لخفض الوزن، ويمارسن السباحة بالصباح الباكر في البحيرة، ويؤدين بعض الشعائر الدينية - على ما يبدو - إذ كان هناك كنيسة صغيرة ملحقة بالمنتجع. كانت خالتي - والدة جورج - تمكث هناك في الوقت نفسه، ووصل جورج بعد ساعة تقريبا من حضوري، لا ليأخذ أمه إلى المنزل، بل ليحصل على بعض المال منها. لم تكن الأمور على ما يرام بينه وبين أبيه، ولم يجن الكثير من المال من العمل بمتجر الأحذية؛ لذا كان مفلسا في أغلب الأحيان. أخبرته أمه أن بمقدورها إقراضه المال إذا مكث وذهب إلى الكنيسة معها في اليوم التالي، أخبرها جورج بموافقته. ثم لذنا بالفرار معا وقدت السيارة لنصف ميل على امتداد البحيرة إلى تلك البلدة الصغيرة التي لم يرها أي منا من قبل، والتي أخبرني جورج أنها ستكون ممتلئة بالفتيات ومهربي المشروبات الكحولية الممنوعة.
كانت بلدة بشوارع فسيحة رملية غير ممهدة وأفنية جرداء. لم ينم في أرضها المتصدعة سوى النباتات قوية التحمل كنبات أبي خنجر الأحمر والأصفر، أو شجيرات الليلك بأغصان بنية متجعدة. كانت المنازل متباعدة عن بعضها، ملحقة بها من الخلف مضخات وسقائف ومراحيض خارجية؛ معظمها بني من الخشب ومطلي بالأخضر أو الرمادي أو الأصفر. كانت الأشجار التي نمت هناك أشجار الصفصاف أو الحور الضخمة، تحولت أوراقها الجميلة إلى اللون الرمادي بفعل الثرى. لم يكن هناك أشجار على امتداد الشارع الرئيسي، لم يوجد سوى مساحات من الأعشاب الطويلة والهندباء البرية ونبات الشوك المتطاير، ومساحات خضراء شاسعة تفصل بين مباني المحال التجارية. كان مجلس البلدة كبيرا على نحو غير متوقع، ويضم برجا يحوي جرسا ضخما، وكان القرميد الأحمر للمبنى يلمع إلى حد ما بين جدران البلدة الخشبية الذابلة وبين الطلاء الباهت. كانت اللافتة بجوار الباب تقول إنه نصب تذكاري للجنود الذين لقوا حتفهم في الحرب العالمية الأولى. وقد شربنا مياها من سبيل أمام هذا النصب التذكاري.
قدنا السيارة ذهابا وإيابا طوال الشارع الرئيسي لبرهة، بينما كان جورج يعلق قائلا: «يا له من مكان قذر! يا إلهي، يا له من مكان قذر!» و«انظر، انظر هناك! لا، لا داعي، ليس مكانا جيدا!» عاد الناس بالشارع إلى منازلهم لتناول العشاء بينما كانت ظلال المتاجر تمتد عبر الشارع عندما دخلنا إلى مطعم بوب.
قال جورج: «قل لي، هل هناك مطعم آخر بالبلدة؟ هل رأيت أي مطعم آخر؟»
قلت: «كلا.»
Bog aan la aqoon