قال: إنها قادمة سريعا.
قالت: وما سبب غيابك حتى الآن.
قال: كنت في انتظارها وهي تخاطب شابا وتجادله ....
قالت: وأي شاب
قال: لا أدري ... ها قد أتت وهي تقص عليك الخبر مفصلا.
وما أتم كلامه حتى دخلت العجوز تتوكأ على عكازها وقد احدودب ظهرها وأحناها الكبر فزادها قصرا ولكنها ما زالت سريعة الحركة شديدة العصب وكانت عمصاء العينين غائرة الفم لخلو فكيها من الأسنان مجعدة الخدين غائرتهما. فتقدمت إلى قطام وقد غطت شعرها الشائب بنقاب أسود يكاد يجر ورائها لطوله وقصرها. وحالما دنت منها قبلتها وأخذت تخفف عنها وتقول لا بأس عليك يا ابنتي اعذريني لإبطائي في الحضور.
فلم تزدد الفتاة إلا بكاء وهي تقول ما الذي يشغلك عني يا خالة وأنت تعلمين أن ليس لي معز في أحزاني سواك.
قالت: هوني عليك يا قطام واستريحي فقد جئتك بالفرج بإذن الله.
قالت: من أين يأتيني الفرج ولا يفرج كربتي إلا الانتقام ... الانتقام. قالت ذلك وحرقت بأسنانها وهي تتشاغل بجمع شعرها وإرساله إلى وراء ظهرها. ثم مسحت عينيها بكمها الطويل وأرسلته إلى كتفها فبانت أساورها ودمالجها حول معصمها الممتلئ ونظرت إلى العجوز كأنها تسألها الإيضاح.
فضحكت العجوز وهي تنظر إليها وكأنها تذكرت أمرا محزنا فقطعت ضحكتها بغتة فاستاءت قطام من ضحكها وهي تبكي وقالت ما بالك تضحكين لعلك تهزأين بكلامي.. إني والله غير قانعة بغير الانتقام.
Bog aan la aqoon