Rahmaan iyo Shaydaan
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
Noocyada
منذ مطلع القرن الثاني قبل الميلاد اكتملت عملية تحرير كتاب التوراة، ثم اكتملت ترجمته حوالي عام 150ق.م. إلى اللغة اليونانية في الإسكندرية، وهي الترجمة المعروفة باسم السبعينية.
1
وبذلك أغلق باب الوحي وأخذ الكتاب شكله النهائي تقريبا، رغم أن الأسفار لم تجمع في كتاب واحد بل بقيت على شكل لفائف متفرقة حتى عام 90 ميلادية، إلا أن اختتام الأسفار التوراتية على المستوى الرسمي الكهنوتي، لم يكن ليغلق باب الاجتهاد والتطوير في عالم هيلينستي موحد تتمازج فيه تيارات ثقافية متعددة، وخلال فترة تعد من أخصب فترات التاريخ الحضاري للمنطقة المشرقية، إن لم تكن أخصبها. فمنذ القرن الثاني قبل الميلاد نشطت حركة إبداع ديني داخل الديانة اليهودية، تستند إلى الفكر التقليدي ولكنها تتجاوزه نحو النهايات المنطقية لتيار الفكر النبوئي والرؤيوي التوراتي، الذي بقي، رغم طموحاته التجديدية، أسيرا للتركة التقليدية ولسطوة الأسفار الكلاسيكية. وقد استمرت هذه الحركة ناشطة بزخم قوي حتى نهاية القرن الثاني الميلادي، وكان أصحابها شخصيات متقدة فكريا وعاطفيا، تأثرت بالحياة الثقافية والدينية المضطرمة لتلك الفترة، وحاولت تفسير الموروث الجامد بما يتلاءم ومستجدات عصرها وروحه. وقد استخدم هؤلاء أسلوب الأسفار النبوئية والرؤيوية التوراتية، ووضعوا خطابهم على لسان شخصيات توراتية بارزة من أجل إسباغ سطوة الماضي على أفكارهم. من هنا جاءت تسمية أعمالهم بالأسفار المنحولة، أي المنسوبة إلى غير كاتبها الحقيقي، مثلما دعيت أيضا بالأسفار غير القانونية، لأنها بقيت على هامش النص القانوني الرسمي، وفي البحث الغربي تدعى
.
مارست الأسفار غير القانونية تأثيرا كبيرا على أفكار الفرقة الفريسية التي ظهرت خلال القرن الأول قبل الميلاد، وتبنت أفكارا جديدة على الفكر التوراتي مثل خلود الروح والثواب والعقاب والجنة والنار. كما أثرت بعمق على الفكر التلمودي والرباني الذي تبلور خلال القرن الثاني بعد الميلاد. ولكن الأهم من هذا كله هو أن الاتجاه الأكثر راديكالية وتحررا في هذه الحركة قد مهد لظهور المسيحية. هذا الاتجاه الراديكالي هو الذي سيكون موضع اهتمامنا فيما تبقى من هذا الفصل قبل أن نستعرض نماذج منتقاة من الفكر المنحول لا بد لنا من وقفة قصيرة نستعرض خلالها أهم الأفكار الجديدة التي قدمها هذا الفكر إلى الأيديولوجيا الدينية التوراتية. (1)
مشكلة الشر ومفهوم الشيطان الكوني:
إن نقطة الانقلاب المحورية في الفكر المنحول، هي ابتداؤه بمعالجة مسألة الشر وسلطته في هذا العالم، وانتقاله من التأمل في هذه المشكلة إلى صياغة لاهوت عن الشيطان الكوني ودوره في صيرورة التاريخ ومآله. (2)
مشكلة الأخلاق:
أعاد الفكر المنحول النظر جذريا في مشكلة الأخلاق العائمة في الأيديولوجيا التوراتية، وأكد على مسئولية الإنسان الخلقية وعلى أخلاقية الإله وعدالته، كما جعل الأخلاق ندا للطقوس والشريعة. (3)
مسألة التوحيد:
Bog aan la aqoon