Rahmaan iyo Shaydaan
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
Noocyada
هذا ما أسألك عنه فاصدقني الخبر أيها الإله الحكيم.
أية صنعة مبدعة خلقت اليقظة والنوم؟
من سخر الليل والصباح والظهيرة تذكرة للناس بمهامهم؟
من سخر البقر والأنعام لرخاء الناس؟
من يزرع في القلب احترام الوالدين؟
إني أسألك أيها الإله الحكيم، لأنشر معرفتك بين الأنام.
فأنت العقل الطيب وخالق كل شيء.
بعد أن تأسس الشر على المستوى الروحاني عرف أهورا مزدا أن القضاء على الشيطان وأتباعه لن يتيسر قبل خلق العالم المادي، لأن عالم المادة سيكون المسرح المناسب للصراع بين جند الحق وجند البهتان، ولسوف يعمد أنجرا ماينو إلى مهاجمة خلق الله بكل ما أوتي من قوة، لأنه خلق طيب وحسن، ولكن هذا الهجوم سوف يفت في عضده تدريجيا، حتى يفقد قوته وسلطانه في آخر الأمر، ويحسم الصراع لصالح الخير في نهاية التاريخ. عندها يتم تخليص الكون إلى الأبد من شوائب الشر ليعود كونا حسنا وطيبا إلى الأبد. (3-2) الزمن الكوزموغوني
سار خلق الله للكون على درجتين: الأولى تدعى مينوغ، وهي حالة من الوجود المثالي غير المتحقق في شكل مادي، والثانية تدعى جيتينغ، وهي حالة الوجود المادي المتحقق في أشكال ذات قوام وخواص. والحالة الثانية خير من الحالة الأولى، لأنها انتقلت بالكون من الحالة الهلامية إلى حالة الصلابة والثبات والنظام. وهذا ما يميز خلق الله عن خلق الشيطان، وقدرة الله عن قدرة الشيطان الذي لا يستطيع منح ما يخلقه القوام والمادة، ويخرج به إلى حيز الوجود الفعلي. ونحن هنا أمام رؤية فلسفية جديدة لا ترى في المادة حالة دنيا من أحوال الوجود، بل ترى فيها أنبل وأسمى أشكال الوجود. أما ما يبدو لنا من قصور وشواش في صيرورة العالم المادي، فليس إلا نتيجة لامتزاجه بعناصر الشر التي جاءت من الشيطان، وهي عناصر مؤقتة التأثير سوف يتخلص منها العالم إن عاجلا أم آجلا. وتنعكس هذه الرؤية للعلاقة بين المادة والروح على نظرة الزرادشتية إلى الإنسان في روحه وجسده، فروح الإنسان ليست أسمى من جسده، والجسد ليس منبعا للشرور ولا رداء مؤقتا نسعى إلى التخلص منه من أجل الالتحاق بالعوالم الروحانية، بل هو الشرط الأمثل الذي يحقق للروح حياة ذات معنى، لذا فإن الأرواح عندما تنفك عن أجسادها بالموت، فإنها تبقى في حالة انتظار تحن إلى الاتحاد بأجسادها من جديد في يوم البعث الأخير. من هنا تستبعد الزرادشتية كل ممارسات الزهد والتقشف الهادفة إلى تعذيب الجسد طمعا في تخليص الروح من آثامه، لأن على الإنسان أن يكافح الشر بروحه وجسده معا، وأن يبقيهما في أفضل حالة تمكنهما من أداء هذه المهمة على أفضل وجه.
ولقد انتقل العالم من درجة المينوغ إلى درجة الجيتينغ على ستة مراحل زمنية. في البداية خلق الله السماء من صخر كريستالي، ثم خلق الماء فالأرض فالحياة النباتية فالحياة الحيوانية، وأخيرا خلق الإنسان الأول. وفيما يتعلق بالأرض، وهي بؤرة الكون، فقد أقام الله حولها سلسلة جبال شاهقة تتصل بشروش تحتية بجبل يقع في مركز الأرض يدعى جبل هارا، ومنه تنطلق أرواح الموتى في رحلتها إلى السماء، ثم قسم الأرض إلى سبعة أقاليم، جميعها أراض سهلية لا التواء فيها ولا وهاد ولا تلال. أول هذه الأقاليم يدعى خافي نيراينا وهو الوحيد المأهول بالسكان، وحوله تتوزع الأقاليم الستة الأخرى، وصنع بحرا يغطي الأرض لجهة جنوبها وفي وسطه جبل مصنوع من جبلة السماء، ومن البحر فجر نبعين غزيرين فشكلا نهرين كبيرين هما دايتا ودانها، اللذان يحدان الجهة الشرقية والجهة الغربية للإقليم المسكون، وزرع في البحر شجرة تحتوي على البذور المعروفة بأنواعها تدعى شجرة كل البذور، وشجرة أخرى تدعى شجرة الشفاء والحياة الأبدية.
Bog aan la aqoon