Rahhala Muslimiinta ee Qarniyadii Dhexe
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
Noocyada
1
والظاهر أن ابن فاطمة قام بأسفار طويلة في أفريقية. ولعله كتب أخبار هذه الرحلات، ولكن شيئا من آثاره لم يصل إلينا ما خلا الذي نقله عنه ابن سعيد، حين أشار إليه في أكثر من موضع واحد. •••
ومن طريف ما خلفه ابن سعيد وصف للقاهرة والفسطاط نقله المقري في كتابه «نفح الطيب». وقد جاء في هذا الوصف: «قال ابن سعيد: ولما استقررت بالقاهرة تشوقت إلى معاينة الفسطاط، فسار معي إليها أحد أصحاب القرية، فرأيت عند باب زويلة من الحمير المعدة لركوب من يسير إلى الفسطاط حملة عظيمة، لا عهد لي بمثلها في بلد. فركب منها حمارا وأشار إلي أن أركب حمارا آخر، فأنفت من ذلك، على عادة من أخلفته في بلاد المغرب. فأخبرني أنه غير معيب على أعيان مصر، وعاينت الفقهاء وأصحاب البزة والشارة الظاهرة يركبونها فركبت. وعندما استويت راكبا أشار المكاري إلى الحمار فطار بي، وأثار من الغبار الأسود ما أعمى عيني ودنس ثيابي وعاينت ما كرهته. ولقلة معرفتي بركوب الحمار، وشدة عدوه على قانون لم أعهده، وقلة رفق المكاري، وقعت في تلك الظلمة المثارة من ذلك العجاج فقلت:
لقيت بمصر أشد البوار
ركوب الحمير وكحل الغبار
وخلفي مكار يفوق الرياح
لا يعرف الرفق مهما استطار
أناديه مهلا فلا يرعوي
إلى أن سجدت سجود العثار
فدفعت إلى المكاري أجرته، وقلت له: إحسانك أن تتركني أمشي على رجلي، ومشيت إلى أن بلغتها ... ولما أقبلت على الفسطاط أدبرت عني المسرة، وتأملت أسوارا مثلمة سوداء، وآفاقا مغبرة، ودخلت من بابها وهو دون غلق، يفضي إلى خراب مغمور بمبان مشتتة الوضع، غير مستقيمة الشوارع، وقد بنيت من الطوب الأدكن والقصب والنخيل طبقة فوق طبقة، وحول أبوابها من التراب الأسود والأزبال ما يقبض نفس النظيف ويغض طرف الظريف. فسرت وأنا معاين لاستصحاب تلك الحال، إلى أن صرت في أسواقها الضيقة، فقاسيت من ازدحام الناس فيها لحوائج السوق والروايا التي على الجمال ما لا تفي به إلا مشاهدته ومقاساته، إلى أن انتهيت إلى المسجد الجامع، فعاينت من ضيق الأسواق التي حوله ما ذكرت ضده في جامع إشبيلية، جامع مراكش، ثم دخلت إليه فعاينت جامعا كبيرا قديم البناء غير مزخرف ولا محتفل في حصره التي تدور مع بعض حيطانه وتنبسط فيه. وأبصرت العامة رجالا ونساء قد جعلوه معبرا بأوطئة أقدامهم يجوزون فيه من باب إلى باب ليقرب عليهم الطريق. والبياعون يبيعون فيه أصناف المسكرات والكعك وما سوى ذلك. والناس يأكلون في عدة أمكنة منه غير متحشمين لجري العادة عندهم بذلك. وعدة صبيان بأواني ماء يطوفون على كل من يأكل قد جعلوا ما يحصل لهم منه رزقا. وفضلات مأكلهم مطروحة في صحن الجامع، وفي زواياه العنكبوت قد عظم نسجه في السقف والأركان والحيطان والصبيان يلعبون في صحنه، وحيطانه مكتوبة بالفحم والحمرة بخطوط قبيحة مختلفة ...
Bog aan la aqoon