فلما كان ذات عشية لقيته في السكة، فنظرت خلفه، فلم أر خلفه أحدا، فأخذت بيده فقلت: تعلم أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله قال: فغمزني وقال: أنت على هذا! وتفرقنا، فما هو إلا أن أتيت أصحابي فكأنما شهدوني وإياه، فما سألوني عن شيء حتى أخذوني فصرعوني، فجعلوا على وجهي قطيفة، وجعلوا يغمونني بها، وجعلت أخرج رأسي أحيانا، حتى انفلت عريانا ما علي قشرة، ولم يدعوا لي شيئا إلا ذهبوا به، فأخذت قناع امرأة حبشية عن رأسها، فوضعته على فرجي، فقالت لي: كذا!! فقلت: كذا، كأنها تعجب مني.
قال: وأتيت جعفرا فدخلت عليه بيته، فلما رآني قال: ما شأنك؟ قلت: ما هو إلا أن أتيت أصحابي فكأنما شهدوني وإياك، فما سألوني عن شيء حتى طرحوا على وجهي قطيفة غموني بها -أو غمزوني بها- وذهبوا بكل شيء من الدنيا هو لي، وما ترى علي إلا قناع حبشية أخذته من رأسها، فقال: انطلق.
فلما انتهينا إلى باب النجاشي نادى: ائذن لحزب الله، وجاء آذنه فقال: إنه مع أهله، فقال: استأذن لي عليه، فاستأذن له عليه، فأذن له، فلما دخل قال: إن عمرا قد ترك دينه، واتبع ديني، قال: كلا! قال: بلى.
فدعا آذنه وقال: اذهب إلى عمرو وقل: إن هذا يزعم أنك قد تركت دينك واتبعت دينه؟، فقلت: نعم، فجاء إلى أصحابي حتى قمنا على باب البيت، وكتبت كل شيء حتى كتبت المنديل، فلم أدع شيئا ذهب إلا أخذته، ولو أشاء أن آخذ من أموالهم لفعلت.
قال: ثم كنت بعد من الذين أقبلوا في السفن مسلمين. أخرجه أبو يعلى.
Bogga 85