قال النجري في شرح القلائد:"أنه لما قال أبوبكر لفاطمة بعد طلبها الميراث: يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما خلفناه صدقة" فصدقه سائر الصحابة في ذلك، وشهد بسماعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعض الحاضرين أيضا، فسكتت فاطمة انقيادا للحق، وطوعا للشرع." انتهى بلفظه.
قلت: ودل على انقيادها للحق، أنها لم تعاود طلب الميراث، ولاعلم منها تجرما، ولا تظلما ولا ملامة لأبي بكر، فعرفت بطلان تأويل الحافظ وأنها اختلفت هي وأبوبكر في العموم والخصوص، كما يعرف بطلان قوله:"إن عليا والعباس اختلفا هما وأبوبكر في ذلك" ، فإنهما لم يطلبا الميراث بعد معرفة حديث:"لا نورث" حتى يقال: أنهما تأولا، بل لما سمعاه لم يطلبا ميراثا من أبي بكر، ولا سمعاه إلا من روايته، لا أنهما سمعاه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا طلبا من عمر ميراثا كما سنقرره، ولا يتم أنهما تأولاه، وتأولته البتول عليها السلام إلا لونازعوا في ذلك أبا بكر بعد علمهما بحديث "لا نورث" ولا توجد رواية صحيحة ولا سقيمة أنهم نازعوا أبا بكر بعد معرفتهما بحديث "لا نورث" فكيف يقال تأولوا شيئا ما عرفوه؟، فتدبر!.
والعجب من قول الحافظ: " إنه لاختلافهما ، هم وأبو بكر في الحديث ، وأنه أخذ بعمومه، وأخذا هما بالخاص، نسبهما عمر إلى اعتقاد ظلم من خالفهما"(¬1)يريد قول عمر: "تزعمان أنه ظالم- أي أبابكر-" فإن هذا الذي قاله ابن حجر باطل من وجهين:
Bogga 38