109

ولم يكن سوفخاتب في تلك الساعة الرهيبة يبالي شعور إنسان، فقال باقتضاب: افعل ما بدا لك.

ولكن طاهو لم يبرح مكانه، ولبسته حيرة التردد، فقال: يا له من نبأ لا يدري الإنسان كيف يؤديه إليها!

فقال سوفخاتب بحدة: ماذا تخشى أيها القائد؟! إن من يبتلى بمثل ما ابتلينا به لا يعمل حسابا لمحذور.

قال سوفخاتب ذلك، وغادر المقصورة مسرعا، وصعد درجات السلم إلى الحديقة، واخترق الممشى مهرولا حتى انتهى إلى البركة، فاعترضت سبيله الجارية شيث، وقد دهشت الجارية لمرآه، وكانت تعرفه من تلك الأيام الخوالي. وفتحت فاها لتكلمه، ولكنه قطع عليها السبيل قائلا بسرعة: أين سيدتك؟

فقالت شيث: مسكينة سيدتي لا تعرف اليوم لنفسها مستقرا. وما زالت تدور بالحجرات، وتطوف بالحديقة حتى ...

وفرغ صبر الرجل فقاطعها قائلا بحدة: أين سيدتك؟

فقالت مستاءة: في الحجرة الصيفية يا سيدي.

وأسرع الرجل إلى الحجرة. ودخل متنحنحا، وكانت رادوبيس جالسة على كرسي مسندة رأسها إلى يديها، فلما أحست بالداخل التفتت إليه، وسرعان ما عرفته، فقامت واقفة وكأنها تقفز قفزا، وقالت باهتمام وقلق: الرئيس سوفخاتب .. أين مولاي؟

فقال الرجل الغارق في حزنه بذهول: سيأتي عما قليل.

فضمت يديها إلى صدرها فرحا، وقالت بصوت بهيج: لشد ما عذبتني المخاوف على سيدي، لقد بلغني أنباء العصيان المحزنة، ثم انقطع عني كل شيء، فتركت وحدي إلى وساوس قلبي .. متى يأتي سيدي؟

Bog aan la aqoon